كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

الحديث الخامس: رَوى أبو هريرةَ (¬1)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا اجتَهَدَ الحَاكِمُ فَأصَابَ، فَلَهُ أَجرَانِ، وإذَا أَخطَأَ، فَلَهُ أَجرٌ واحدٌ" حديث حسن غريب.
الحديث السّادس: من طريق أبي بكر أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا أَصابَ الحَاكِمُ فَلَهُ عَشرة أُجُورٍ، وَاذَا أَخطَأ فَلَهُ أَجرٌ وَاحِدٌ" (¬2) وهذا إذا صحَّ العدل منه فإنّه يشهد له القرآن، قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} الآية (¬3).
الحديث السابع: رُوي في في الأحاديث المأثورة: "إِنَّ المُقسِطِينَ يَوم القِيَامَةِ عَلَى مَنَابِر من نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحمَانِ وَكِلتَا يَديه يَمِينٌ" (¬4) والآثار والأحاديث كثيرة المساق، أصحّها ما سردناه عليكم.
مَرْجِعٌ وتَفسِيرٌ:
أمّا حديث أمّ سلمة (¬5)، قولُه: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ": اعلموا (¬6) - نوّر الله قلوبَكم للمعارف -أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بَشَرٌ مثلكم كما بلَّغ عن نفسه فقال: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} الآية (¬7)، فأخبر - صلّى الله عليه وسلم - أنّه على حكم البشريّة الّتي جُبِل عليها، وأن الله شَرَّفَهُ بالوحي الّذي أوحى إليه به، وجعلهُ واسطةً بينه وبين خَلقِه، فقال ذلك على معنى الإقرار بصفة البّشَر من أنّه لا يعلم الغّيب، ولا يعلم اللّحن من الخصمين، ولا يعلم إِلَّا ما عُلِّمَ.
ففيه من الفقه: موعظة الإمام الخَصمَين (¬8).
¬__________
(¬1) أخرجه التّرمذيّ (1326)، والنسائي: 8/ 223، وابن الجارود (996)، وأبو يعلى (3903)، وابن حبّان (5060)، والدارقطني: 4/ 404، والبيهقي: 11/ 82.
(¬2) أخرجه - مع اختلاف في الألفاظ-: أحمد: 2/ 187، والدارقطني: 4/ 203، والطبراني في الأوسط (8988)، والحاكم: 4/ 99 (ط. عطا) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة"، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وضَعَّفَ ابن حجر في تلخيص الحبير: 4/ 180 إسناده.
(¬3) الأنعام: 160.
(¬4) أخرجه مسلم (1827) من حديث عبد الله بن عمرو.
(¬5) في الموطَّأ (2103) رواية يحيي.
(¬6) من هاهنا إلى قوله: "بينه وبين خلقه" ورد في القبس: 3/ 871 فانظره، وراجع العارضة: 6/ 83
(¬7) الكهف: 110، وانظر واضح السبيل إلى معرفة قانون التّأويل: 105/ أ- 106/ أ.
(¬8) ذَكَرَ هذه الفائدةُ البوني في تفسيره للموطَّأ: 100/ أ- ب.

الصفحة 213