قال عطيّة العوفي: بما أراه اللهُ في كتابه.
وقال قَتادَة: بما أنزل اللهُ عليك وبَيَّنَهُ لك (¬1).
والأحاديثُ كثيرة المَسَاقِ في هذا الباب، ثبت عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "إِذَا قَضَى الحَاكِمُ فَاجتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجرَانِ، وإذَا قَضَى فَاجتَهَدَ وَأَخطَأَ فَلَهُ أَجرٌ وَاحِدٌ" (¬2).
قال الإمام: هذا الحديث يدلُّ على أنّ المجتهد المخطىء الّذي له الأجرُ، هو من كان عالمًا بالأصول والأدِلَّة، دونَ الجاهلِ الّذي لا اجتهادَ له، ثبت عن عبد الله بن مسعود أنّه قال: "مَنْ عرضَ لَهُ مِنكُم قَضَاءٌ: فَليَقضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ، فَإِنْ جَاءَهُ أَمرٌ لَيسَ في كِتَابِ اللهِ فَليَقضِ بِمَا قَضَى بِهِ نَبِيّهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِده فَليَقضِ بِما قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ، فَإن لَمْ يَجِد فَليَجتَهِد رَأيَهُ" (¬3).
وفي حديث شُرَيح القاضي: "فَإِنْ لَمْ يكُن في كِتَابِ الله ولَا سُنَّةِ رَسُولِ الله، وَلا فِيمَا قَضَى به أَيِمّة الهُدَى فَأَنتَ بالخِيَارِ، إِنْ شِئتَ أنّ تَجتَهِدَ رَأيَكَ، وَإِن شِئتَ أنّ تَقضِي بِذَلِكَ" (¬4).
وحديثُ معاذ بن جَبَل الّذي خرَّجه أبو عيسى (¬5)؛ قال: بَعَثنِي رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - إلى اليَمَنِ، فَقَالَ لِي: بِمَاذَا تَحكُمُ يَا مُعَاذُ؟ قُلتُ: بِكِتابِ اللهِ، قالَ: فَإِن لَمْ تَجِد؟ قُلتُ: بِسُنَّةِ رَسُولِ الله، قال: فَإِنْ لَمْ تَجِد؟ قُلتُ: أجتهِدُ رَأيِي. قَالَ: الْحَمْدُ للهِ الّذي وفق رسولَ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم -.
¬__________
(¬1) أخرجه الطّبريّ في تفسيره: 5/ 266.
(¬2) أخرجه البخاريّ (7352)، ومسلم (1716) من حديث عمرو بن العاصّ.
(¬3) أخرجه ابن أبي شيبة (22991)، والدارمي (165)، والنسائي في الكبرى (5946)، والطبراني في الكبير (8920)، وابن حزم في الأحكام: 6/ 202.
(¬4) أخرجه النسائي في الكبرى (5944)، وابن حزم في الأحكام: 6/ 241، 7/ 444، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (133).
(¬5) في جامعه الكبير (1327، 1328). وأخرجه أيضًا: الطيالسي (559)، وابن أبي شيبة (22988)، وأحمد: 5/ 536، وعبد بن حميد (124)، وأبو داود (3592م)، والطبراني في الكبير: 20/ 170 (362)، والبيهقي: 10/ 114.