كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

الأصول:
فإن قيل: ما الفرقُ بين الحديثين؟
قيل له: الفرق بين الحديثين أنّه فرقٌ بين المذمُومِ من الشّهادات، وهو شهادة الكذب، وبين الشّهادةِ الّتي المرءُ فيها صادقٌ.
ما جاء من الفرق بين الشهادتين (¬1):
ألَّا تراهُ قال في الخبر الأوّل: "أَلَا أُخبِرُكُم بِخَيرِ الشُّهَداءِ"، وقال في الخبر الثّاني: " ثُمَّ يَظهَرُ الكَذِبُ" فدلَّ ذلك على أنّ الشَّهادة المذمومة شهادة الكذب، خلافًا للشّهادة الّتي يكون فيها الشّاهد صادقًا فيها. ورُوِيَ عنه -عليه السّلام- أنّه قال: "خيرُكُم قَرنِي، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم، ثُمَّ الَّذين يَلُونَهُم، ثُمَّ يَأتِي قَومٌ يَشهَدُون ولا يُستَشْهَدُون" (¬2).
قال النّخعيُّ: معنى الشّهادة هاهنا اليمين، وقد سمّي اليمين شهادة، يريد أنّ يحلف قبل أنّ يستحلف.
المسألة الثّانية:
وقوله (¬3): "شهَادَاتُ الزُّورِ". وهي من الكبائر، وقد قرنت بالشِّرك باللهِ تعالى وعقوق الوالدين، وكان عبد الله بن مسعود يقول (¬4): عدلت شهادة الزّور بالشِّرك بالله، ثمّ قال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} الآية (¬5). (¬6) (¬7)
¬__________
(¬1) وهو المسألة الأولى.
(¬2) أخرجه البخاريّ (2651)، ومسلم (2535) من حديث عمران بن حصين.
(¬3) في حديث الموطَّأ (2106) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2932)، وسويد (290)، ويحيى بن بكير عند البيهقي: 10/ 166.
(¬4) أخرجه عبد الرزّاق (15395)، وابن أبي شيبة (23038)، والطبراني في الكبير (8569)، وقال الهيثمي في المجمع: 4/ 200 - 201 "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن".
(¬5) الحجِّ: 30.

الصفحة 261