الأُمَّةِ؛ لأنَّ ذلك من أَكْلِ المالِ بالباطلِ؛ لأنَّه مالٌ في مقابَلَةِ فِسْقٍ؛ لأنَّه ثمنٌ لِلكَذِبِ والضِّلالِ، فيكونُ محرَّمًا كالميِّتةِ والدَّمِ وما أشبهَ ذلك؛ لأنَّه من بابِ معرفةِ طلب الغَيْبِ، وهذا ممّا لا يُدْرَكُ:
وأمّا "رِبْحُ مَا لَمْ يضْمَنْ" فإنّما لم يَجُزْ لأنَّ بيْعَهُ لا يجوزُ؛ لأنّ ما لم يَضْمَنْ، إمّا لأنَّه لم يَمْلِكهُ فيكون من بيع ما ليس عندَك، وإمّا لأنَّه غيرُ مقدورٍ على تسليمِهِ، فيكونُ من بابِ بَيْعِ الغَرَرِ والمُخَاطَرَةِ.
وأمّا "بَيْعُ حَاضِرٍ لِبَادٍ" و"النَّجَش"و"بَيْعُ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعُ أَخِيهِ" فيأتي بيانُه إنَّ شاء الله في "شرح الأبواب".
وأمّا "التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الأُمِّ وَوَلَدِهَا" فاختلفَ العلّماءُ فيه على ثلاثةِ أقوالٍ:
1 - فمنهم من قال: ذلك لِحَقِّ الأُمِّ في التَّوْلِيهِ, وقد وردَ في الحدِيثِ: "لا تُوَلَّهُ (¬1) والدةٌ على وَلِدِها" (¬2).
2 - وقيل: لحقِّ الطِّفلِ (¬3).
3 - وقيل: لحقِّ اللهِ.
فالبَيْعُ فاسدٌ في ذلك، إِلَّا على القولِ بأنّه حقٌّ للأُمِّ فيقِفُ على إجازتِهَا، وقد خَرَّجَ التّرمذيُّ (¬4) في ذلك حديث أبي أيوب: "مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللهُ بَينَهُ وبَيْنَ
¬__________
(¬1) أي لا يفرّق، انظر النهاية: 5/ 227.
(¬2) أخرجه البيهقي: 8/ 5 من حديث أبي بكر، وضعَّف ابن حجر في تلخيص الحبير: 3/ 15 سنده. كما أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث: 3/ 65 من مرسل الزُّهري، وراويه عنه - كما قال ابن حجر في التلخيص- ضعيف.
وأخرجه ابن عدي في الضعفاء: 6/ 418 من حديث أنس، في ترجمة مبشِّر بن عبيد أحد الضعفاء. وانظر خلاصة البدر المنبر: 2/ 62.
(¬3) ذكره ابن يونس في الجامع لمسانل المدوّنة: 1017 وعزاه إلى ابن الموّاز عن مالك، ونصّ على أنَّه الأصوب.
(¬4) في جامعه الكبير: الحديث (1566)، وأخرجه أحمد: 5/ 412، والدرامي (2482)، والطبراني في الكبير (4008)، والدارقطني: 3/ 67، والحاكم: 2/ 55 وصححه، والقضاعي في مسند الشهاب =