ذلك لعلّم السَّامع، وكان هذا في آخر حياة رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، ففيه الرَّدِّ على مَنْ يقول بالرَّدِّ على الابنة، ألَّا ترى قول سَعد: "وَلَا يَرِثُنِي إِلَا ابنَةٌ لِي" أراد أنّها لا تُحيط بالكلِّ.
السّادسة (¬1):
قوله: "عالَةً" يريد فقرًا، ومنه قولُه تعالى: {وَوَجَدَكَ عائلًا فأغنَى} (¬2) وقد اختلف النَّاس في ذلك:
فقيل: غِنَى القلب.
وقيل: غِنَى الحسنات.
وقيل: غِنَى المال، أي أغناك بمال خديجة، على ما نُبيِّنُه في "التّفسير" في سورة والضُّحَى (¬3)، إنَّ شاء الله.
السّابعة (¬4):
قوله في الحديث: "أأُخَلَّفُ بَعدَ أَصحابِي" يحتمل أنّ يريد: أخلف في مكَّةَ بعد خروجهم إلى المدينة، وهذا يدلُّ على فضل المدينة.
وفيه: دليلٌ على أنّ الهجرة لم تنقطع عمّن هاجر قبل الفتح، وإنّما جاء: "لَا هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ" (¬5) على معنى: أنّ من لم يكن هاجر قبل ذلك أنّ يهاجر إلى المدينة فيقيم بها، والذي جاء في حديث صفوان؛ أنّ من مات ولم يهاجر هلك (¬6)، يقول: من لم يأتِ المدينة فيُقيم مع النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ولقوله تعالى: {وَمَن يهاجِر في سَبيلِ اَللهِ يجِد في اَلأرضِ ... (¬7)
¬__________
(¬1) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبسٌ من المصدر السابق.
(¬2) الضّحى: 8.
(¬3) لعلّه يقصد كتابُ أحكام القرآن، أو أمالي أنوار الفجر، أو كتابُ التفسير من القبس.
(¬4) هذه الفائدةُ مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: 108/ ب، وانظر المنتقى: 6/ 156.
(¬5) أخرجه البخاريّ (3080)، ومسلم (1864) من حديث عائشة.
(¬6) أخرجه مالك في الموطَّأ (2416) رواية يحيى.
(¬7) النِّساء: 100.