كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

هذا كلّ غَرَرٍ بالنَّصِّ وصار داخلًا فيه، وإذا قلنا: "نُهِيَ عَنْ بَيعِ الْغَرَرِ" دخل فيه كلّ غَرَرِ بالتَّسْميةِ، فقد دخلَ البَيْعُ في هذا اللّفظ بالنَّصِّ، ودخلَ الغَرَرُ بالتَّسْميةِ.
المسألةُ الثّانيةُ (¬1):
قوله: "نَهَى عَنْ بَيْعِ العُربَانِ" البَيعُ معروفٌ، وهو يَفتقرُ إلى إيجابٍ وقَبُولٍ، ويَلزَمُ بوجودِهما بلفظِ الماضي، فإذا قال (¬2): بِعْنِي، فقال (¬3): بِغتُك، فحكى عَلماؤُنا العراقيُّون أنّ التبيعَ يصِحُّ ويَنعَقِدُ.
وقال أبو حنيفة (¬4) والشّافعي: لا ينعقدُ حتّى يقول المبتاعُ بعد ذلك: اشتريتُ، أو قَبِلْتُ.
دليلُنا: كلُّ ما كان إيجابًا وقَبُولًا في عَقْدِ النِّكاحِ، كانَ إيجابًا وقَبُولًا في عقد البَيعِ، كما لو قال: قبِلتُ، بعد إلاِيجابِ (¬5).
وليس للإيجاب لفظٌ مُعيِّنٌ، وكلُّ لفظٍ أو إشارةٍ فُهمَ منها الإيجاب (4) لَزِمَ بها البَيْع، إِلَّا أنّ في الألفاظِ صريحًا لا يَحتَمِلُ (¬6)، مثل أنّ يقول: بِعْتُكَ فَرَسِي، فيقولُ: قد قَبِلتُ (¬7).
وأمّا الألفاظ (¬8)، فلا يَلزَمُ البَيْع بها بمجرِّدِها، حتّى يَقتَرِن بها عُرْفٌ أو عَادَةٌ.
الثّالثة:
فإذا ثبت هذا فنقول: الأشياء الّتي تدخل البيع من الفساد أربعةٌ:
1 - إمّا أنّ يكونَ الفسادُ في الثَّمَنِ.
2 - أو المَثمُونِ.
3 - أو البائع.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 157.
(¬2) المبتاع.
(¬3) البائع.
(¬4) انظر مختصر اختلاف العلماء: 3/ 49، والمبسوط: 12/ 108.
(¬5) في المنتقى: "الإيجاب والقَبُولُ".
(¬6) أي لا يحتمل التّأويل.
(¬7) فهذا يلزم به العقد المتبايعين.
(¬8) أي الألفاظ المحتملة.

الصفحة 52