كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

وقال ربيعة: إنِّي أجدُ في الإسلام شأنّه تامًّا (¬1).
وقد روى في "العُتبِيَّة" (¬2) أشهب عن مالك: أحبّ إليّ ألَّا يعتق ولد الزِّنا في الرّقاب الواجبة".

باب ما لا يجوز في الرقاب الواجبة (¬3)
قال الإمام: مُعَوَّلُ هذا الباب على أصلّين:
أحدهما: كمالُ الرِّقَّ في العبد.
الثّاني: سلامته عن العيب.
وبهذا قال الجمهور، إِلَّا أبا حنيفة (¬4) فإنّه قال: يجوز المعيبُ في الكفّارة، ويجزيء فيها المكاتَب والمُدَبَّر؛ لأنّ الله تعالى قال: {فَتَحريرُ رَقَبَةٍ} (¬5) وكل هؤلاء رقبة.
قلنا: أمّا المكاتَبُ والمُدَبَّر، فليسا برقبةٍ، ولا يصحّ أنّ يتناولهما اللّفظ؛ لأنّه لا يقدر على بيعهما، فقد تزعزع ملكُه وتخلخلت مالِيَّتُهُ. فنقول: رقبةٌ ناقصةٌ لا يجوز له بيعها، فلا يجوز له عتقها كأمِّ الولد، وقد مهَّدنا ذلك في "مسائل الخلاف".
وأمّا المعيبُ، فكيف يصحُّ لأبي حنيفة (¬6) أنّ يجعلَ الأعمى رقبة؟ وهذا يُوجِبُ جميع القِيمَة على من أخرج عينه، فكيف يجعل* الأعمى رقبة، وهو يوجب جمع القيمة على من أخرج عينيه فكيف يجعَلُ * الرَّقَبة ذاهبة في حقّ الإتلاف، موجودة في حقَّ العِتقِ فيكون حرًّا؟ بل لو قاله بالعكس كان أَوْلَى.
¬__________
(¬1) أورد ابن رشد في البيان والتحصيل: 14/ 483 قول ربيعة، بلفظ: "إنِّي لا أجد" فليحرّر.
(¬2) 14/ 481 في سماع أشهب وابن نافع من مالك، رواية سحنون، من كتابُ العتق.
(¬3) انظره في القبس: 3/ 968.
(¬4) انظر مختصر الطحاوي: 213، 307.
(¬5) النِّساء: 92.
(¬6) انظر مختصر الطحاوي: 213.

الصفحة 520