كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)
4 - أو المبتاع.فهذه الأربعة الأشياء، فمتى دخلَ الفسادُ في شيءٍ من هذه الأربعة فسدَ البَيعُ، إِلَّا أنّ يكونَ الغرَرُ يسيرًا لا يمكن الاحتراز منه، فإنّه مَعفُوٌّ عنه، كالطِّير في البَرِّ يجد فيها موضعًا لا يدركه النظر غالبًا يجده غير ... ، ومثل الهَدمِ اليسير يوجَدُ في البِنَاء وما أشبه هذا؛ لأنّ العلَّة قَلَّ ما تقعُ بمثل هذا الغرَرِ اليسير.
وأمَّا الفساد الّذي من غير الرّكن، فهو فساد لكنه يسقط ويصح البَيعُ، مثالُ ذلك: أنّ يبيع خادما وسِلعَة على أنّ يسلفه عشرة دنانير، فإنّه لا يجوز؛ لأنّ البَيع والسلف منهى عنه، فهذا أسقط الشرطُ جاز البيع، والفروعُ على هذا كثيرة.
بابُ مَا جَاءَ في مَالِ المَمْلُوكِ
رَوَى ابنُ عُيَينَة، عن الزّهريُّ، عن سَالم، عن أببه، عن عمر، عن النّبيِّ عليه السّلام؛ أنّه قال: " مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ للبَائِعِ، إِلَّا أنّ يشتَرطَهُ المبتَاعُ" (¬1).
قال الإمامُ: أوقفَ مالك هذا الحديث في "الموطَّأ" (¬2) عن نافع عن ابنِ عمر، ولم يبلغ به النَّبيّ -عليه السّلام-.
وقال أبو عمر (¬3): "هذا أحد الأحاديث الأربعة الّتي أسنَدَها سالم، وأَوقَفَها نافع عن ابن عمر"، والحديثُ مُسْنَدٌ صحيحٌ من طُرُقٍ (¬4).
قال الإمامُ (¬5): هذه المسألة تنبنِي على القاعده العاشرة، وهي المقاصدُ والمصالحُ؛
¬__________
(¬1) رواه من هذا الطريق ابن أبي شيبة (22519)، ومن طريقه ابن عبد البرّ في الاستذكار: 19/ 31 - 32، وانظر الحميدي (613)، وسنن أبي داود (3433)، والبيهقي: 6/ 219.
(¬2) الحديث (1788) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2477)، وسويد (218)، ومحمد بن الحسن (793)، والتنيسي عند البخاريّ (2379).
(¬3) في التمهيد: 13/ 283.
(¬4) انظرها في التمهد: 13/ 284 - 286.
(¬5) انظر هذه الفقرة في القبس: 2/ 805.
