كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

كتاب المُدَبَّر
التّرجمة:
قال الإمام: التدبير هو إنفاذ عتقه بعد موته، وأجمع المسلمون على انتقال اسم المُدَبَّر، وسمّوه مُدَبَّرًا من الدّبر (¬1)؛ لأنّه أعتقه بعد مماته، والممات دُبُرُ الحياة. والفقهاء يقولون: المُعتَق عن دبر، أي بعد الموت. وهو لفظ لم يُستعمَل إِلَّا في العبيد، ووجب حُكمُه في الابتياع في حياة مدبّره (¬2).
قال الإمام (¬3): وهذا الباب من متعلِّقات عقود الحريّة وفروعها، وهو أصلٌ في نفسه أيضًا، وله أصلٌ وفروع أقلّ من الأوّل.
والتّدبيرُ: هو عَقدٌ متَّفَقٌ عليه بين الأُمَّة، كان في الجاهليّة وأَقَرَّهُ الإسلام، وفي الصّحيح عن جابر؛ أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - باع مُدَبَّرًا (¬4).
وأصلُه أنّ يقول: أنتَ مُدَبَّرٌ، وأنتَ حرٌّ بعد موتي، لا على معنى الوصيَّة.
وقال الشّافعيّ (¬5): هو عِتق إلى أجل. ومن أصله: أنّ كلّ عِتق إلى أجلٍ -قُطِعَ بإتيانه أو لم يقطع- لا يقضَى بلزوم العِتق على السَّيِّد، والمسألةُ معلومة في "مسائل الخلاف".
فهذه المسألة من جملة تلك الصُّور، ويخصّها أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - باع المُدَبَّر، ولو كان حُرًّا -كما قال مالك وأبو حنيفة- ما باعه.
¬__________
(¬1) حكى هذا الإجماع القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورقة 133 عن ابن أبي زيد القيرواني.
(¬2) قارن الكلام السّابق بالمنتقى: 7/ 40 فلا شكّ أنّ المؤلِّف قد استفاد منه.
(¬3) انظر القبس: 3/ 976 - 977.
(¬4) أخرجه البخاريّ (2230)، ومسلم (997).
(¬5) انظر الحاوي الكبير: 18/ 100.

الصفحة 536