كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

وقوله (¬1): "إنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - عَنِ الكَلَالَةِ؟ " يحتمل (¬2) أنّ يسأل عن حكمهم في الميراث. ويحتمل أنّ يسأل عمّن يستحقّ هذا الاسم من الوَرَثَة والمورّثين.
العربيّة (¬3):
اختلف العلماء وأهل اللّغة وغيرهم في الكَلَالَةِ، فقال: صاحب "العين" (¬4): الكلالةُ الّذي لا ولدَ له ولا والد.
وقيل: إنَّ الكلالة من بَعُد، يقال كَلَّتِ الرَّحِمُ إذا بَعُدَ من خرج منها.
وقيل: إنَّ الكَلَالَة هم الوَرَثَة الّذين يحيطون بالميراث.
وقيل: إنَّ الكَلَالَةَ المالُ، ولا وجه له.
وقيل: الكَلَالَة من فقد أَبَاهُ وأمّه قبله ثمّ مات بعد ذلك.
تنقيح (¬5):
قال الإمام: والكَلَالَة الموروث على مقتضى الحديث، وهو ظاهر القرآن، وذلك قولُه: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} (¬6) وقال - صلّى الله عليه وسلم -: "يَكفِيكَ آيَة الصَّيف" (¬7) يقتضي أنّ السّؤال كان عن أحكام الوارِثِينَ.
والآية نزلت في شأن جابر بن عبد الله، رواه ابن المُنْكَدِر عنه، قال جابر: مرضت فأتاني النّبي - صلّى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وقد أُغمِيَ عليَّ فلم أكلِّمهم، فتوضّأ فصبَّ عليَّ،
¬__________
(¬1) أي قول زيد بن أَسْلَم في الموطَّأ (1467) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (3045)، وسويد (214).
(¬2) الكلام التالي مقتبس من المنتقي: 6/ 241.
(¬3) قارن بالأحكام: 1/ 345 - 347.
(¬4) 5/ 279 وعبارته: "الكَلُّ: اليتيمُ [والكلُّ]: الرَّجل الّذي لا وَلَدَ له، والفعلُ: كَلٍّ يَكِلُّ كلَالَةً".
(¬5) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبس من المنتقى: 6/ 241، وانظر كلام السهيلي [وهو تلميذ ابن العربي] على الكلالة في كتاب الفرائض: 69 - 72.
(¬6) النِّساء: 12.
(¬7) أخرجه مالك في الموطَّأ (1467) رواية يحيى، بلفظ: "يكفيك من ذلك الآيةُ الّتي أُنْزلَت في الصَّيفِ".

الصفحة 558