كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)
الملاعنة، هذا قول عطاء، وسفيان الثّوريّ، والزّهري، وبعض المدنيّين.
عارضة أخرى في ميراث الخنثى:
هذه نازلة تعتبر، وإن كان قد قال كلّ من يُحْفَظ عنه من أهل المدينة أنّ الْخُنْثَى يورث من حيث يبول، فإنْ بال من حيث يبول الرَّجُل ورثَ ميراث الرَّجل، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث المرأة (¬1)، وهو مذهب عليّ بن أبي طالب، ومعاوية، وأهل الكوفة (¬2).
وقالت طائفة: يورث من حيث يسبق البول (¬3)، وعليه الجمهور، وبه قال أحمد (¬4)، وإسحاق.
فإن بال منهما جميعًا، فهو الخنثى المشكل، واتفق أهل الفرائض على أنّ له نصف ميراث رجلٍ ونصف ميراث امرأة، فإن انفرد وحده فله ثلاثة أرباع المال، قال أبو غالب في "فرائضه": لا كلامَ بين أهل العلم في ذلك، وقد اختلفوا في الحسَاب.
فقال بعضهم: من توفيّ وترك ابنا خُنثى وابنًا صحيحًا، فريضتهما من سبعة، للصّحيح أربعة وللخنثى ثلاثة.
ومنهم من قال: فريضتهما من خمسة، للخنثى سهمان وللصّحيح ثلاثة.
وذلك كلُّه غَلَطٌ، والصواب أنّ يعمل فريضتان: فريضة على أنّه ذَكَر، وفريضةٌ على أنّه أنثى، ففريضتهما على أنّهما ذكران من اثنين، وفريضتهما على أنّ أحدهما أنثى من ثلاثة، فاضرب الثّلاثة في اثنين فذلك ستّة، ثمّ ضعّفهما فذلك اثنا عشر، وإنّما أضعفناهما
¬__________
(¬1) فصل المؤلّف في الأحكام: 4/ 1274 ما أجمله هاهنا فقال: "ورُوي عن علماننا فيه [أي في الخنثى] قال مُطَرِّف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وابن وهب وابن نافع وأَصْبَغ: يعتبر مَبَالُهُ، فإن بال منهما فالأَسْبَق، وإن خرج منهما فالأكثر، ولولا ما قال العلماء هذا لقلتُ: إنَّ بال من ثقب؛ إنّه يعتبر به هو الآخر؛ لأنّ الولد لا يخرج من المال بحالٍ، وإنّما ثقب البول غير مخرج الولد، ويتبيّن ذلك في الأنثى. وقالوا على مخرج البول ينبني نكاحه وميراثه وشهادته وإحرامه في حجِّه وجمع أمره".
(¬2) انظر مختصر اختلاف العلماء: 4/ 456.
(¬3) جاء في الأحكام: 4/ 1673 "قال لنا شيخنا أبو عبد الله الشقّاق فرضيُّ الإسلام: إنَّ بال منهما جميعًا ورث بالذي يسبق منه البول، وكذلك رواه محمّد بن الحنفية عن عليّ، ونحوه عن ابن عبّاس، وبه قال ابن المسيَّب، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وحكاه المزني عن الشّافعيّ".
(¬4) هو الّذي نصّ عليه أحمد كما في المغني لابن قدامة: 9/ 109.
الصفحة 562
592