كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيْع العَرِيَّةِ
الأحاديث:
رُوِيَ (¬1) عن أبي هريرةَ: "أَرْخَصَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - في العَرَايَا في خَمسَةِ أَوسُقٍ" أو "دُونَ خَمسَةِ أَوسُقٍ".
وفي "التّرمذيّ" (¬2) أَنَّ النَّبِيِّ عَلَيهِ السَّلَام نَهَى عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَةِ، إِلّا أَنَّهُ قَد أَذِنَ لأَهلِ العَرَايَا.
وقولُ أبي هريرة (¬3): "أرخَصَ رَسُولُ اللهِ في العَرَايَا" حَسَنٌ صحيحٌ (¬4).
قولُه (¬5):"العَرِيَّة" قيل: هي فَعِيلَة بمعنى مفعولة، من عراه يعرُوهُ.
وقيل: من عرى يعري، كأنّها عريت من جملة التّحريم، فعريت أي خرجت، فهي فعيلة بمعنى فاعلة (¬6).
قوله: "أَرْخَصَ لِصَاجبِ الْعَريَّةِ" مطلقُ الرُّخصةِ عند الفقهاء يقتضي أنّ يُخَصَّ بعض الجملة المحظورِ عليه حكمًا، لا يُعَدَّى إلى غيره، وليس هذا بصحيحٍ، والصّوابُ أنّ ينظر إلى عِلَّة ذلك، فإن كانت علَّتُه واقفة، بُنِيَ الحُكمُ على موضِعِها، وان كانت متعدّية،
¬__________
(¬1) في الموطَّأ (1814) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2506)، وسويد (226)، وابن القاسم (157)، ومحمد بن الحسن (758)، والقعنبي عند الجوهري (328)، والشّافعيّ في مسنده: 144، وابن مهدي عند أحمد: 2/ 237، وعبد الله بن عبد الوهّاب، ويحيى بن قزعة عند البخاريّ (2190، 2382)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (1541)، وزيد بن الحباب، وقتيبة بن سعيد عند التّرمذيّ (1301)، وابن وهب عند ابن الجارود (659)، وعثمان بن عمر عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: 4/ 30، وابن بكير عند البيهقي: 5/ 310.
(¬2) الحديث (1300) من حديث زيد بن ثابت. وقد أخرجه أيضًا: أحمد: 3/ 185، 190، والطبراني
فى الكبير (4756).
(¬3) في حديث الموطَّأ السابق ذِكرُه.
(¬4) هذا الحكم مستفاد من التّرمذيّ في جامعه: 1/ 572.
(¬5) انظر هذا التفسير في العارضة: 6/ 36.
(¬6) انظر غريب الحديث لأبي عيد: 1/ 293، وتفسير غريب الموطَّأ لابن حببب: الورقة 84 [1/ 372].

الصفحة 75