والزرع، فلا خلافَ أنّه لا يوضع فيه جائحة؛ لأنّه ليس له في أصله منفعة مستثناة يُستَنظَر استيفاؤها.
الثّالثة (¬1):
وأمّا تبيينُ مقدار الجائحة الّتي توضع، فإنّ المَبِيعَ من هذا الجنس على ثلاثة أنواعٍ:
1 - ثمارٌ كالتَّمر والتِّين والعِنَب ونحوها، فهذه يُرَاعَى في جوائحها الثُّلُث، فإنْ قَصُرَت عنه لم توضع عن المشتري.
2 - ونوعٌ ثانِ وهو سائر البُقُول والأُصول المغيّبة، ممّا الغَرَض في أعيأنّها، وقد تقدّم أنّ فيها روايتين (¬2).
فإذا قلنا بإثبات حُكمِ الجائحة فيها، فهل يُعتبر فيها الثُّلُث أم لا؟
رَوى ابنُ القاسم عن مالك (¬3)؛ أنّ الجائحةَ ترضع فيها، بلغتِ الثُّلُث أم لا (¬4). ورَوَى ابنُ زيادِ عنه: لا يوضع منها إِلَّا ما بلغَ الثُّلُث.
ووجهُ القول الأوّل: أنّ البُقُول لمّا لم يَجُز بيعُها إِلَّا عند جَدِّها، وجبَ أنّ يستوي قليلُها وكثيرُها، كالمَكِيل والموزون.
ووجهُ القول الثّاني: أنّ هذا مَبِيعٌ ثبت فيه حُكم الجائحة فاعتبر فيها الثُّلُث كالثّمرة.
مسألة (¬5):
وقولُه (¬6): "وَالّجَائحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَن المُشتَرِي، الثُّلُثُ فَصَاعِدًا" وهذا كما قال،
وإن قصُرت عن ذلك في الثِّمار، لم توضع عن المشتري، وهو معنى قوله (¬7): "فَلَا يَكُونُ
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 4/ 335.
(¬2) إحداهما نفي ذلك جملة، والثّانية إثباتها.
(¬3) في المدوّنة: 4/ 18 في جائحة البقول.
(¬4) ذكر الباجي في المنتقى: 4/ 235 أنّه ثبت في المدنية عن ابن القاسم عن مالك: "إِلَّا أنّ يكون الشّىء التّافه".
(¬5) وهي المسألة الرّابعة، وهي مقتبسة من المنتقي: 4/ 236.
(¬6) أي قول مالك في الموطَّأ (1818) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2509)، وسويد (227).
(¬7) في المصدر السابق.