كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

المستثنى لا يدخلُ في المستثنَى منه مُرَادًا وإن دخلَ فيه لفظًا؛ لأنّه لو كان كذلك لكان الاستثناءُ نسخًا، وذلك محالٌ وخَلطٌ للحقائقِ، فثبتَ أنّه تخصيصٌ للعموم وبيانٌ للمرادِ. لكنّ الفقهاء اختلفوا؛ هل يدخُلُ في المبِيع أم لا؟ على تفصيلٍ طويل.
الفقه في مسائل:
الأولى (¬1):
قوله (¬2): "كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ" قال علماؤنا (¬3): يبيعُه على ثلاثة أَضْرُبٍ:
أحدُها: أنّ يبيع كَيلًا معروفًا (¬4).
والثّاني: أنّ يبيع الجميع على أنّ فيه كذا وكذا صاعًا بالخَرْصِ.
والثّالث: أنّ يبيعَهُ جُزَافًا.
الثّانية (¬5):
فإن باعه على أنّ فيه كذا وكذا على التَّحَرِّي، فقد قال ابن الجلّاب: لا يجوز (¬6).
وقال عبد الوهّاب (¬7): إنَّ التّحرِّي فيها من باب الغَرَر، فلا يجوزُ بيعُها على التّحرِّي (¬8). وأمَّا أنّ يبيعها جُزَافًا، فلا خلافَ في جوازِه (¬9).
وَوَجْهُ ذلك: أنّه *مرئىٌّ يتأتّى فيه الحَزْر، فجازَ بيعُه جُزافًا.
¬__________
(¬1) هذه. المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 236.
(¬2) أي قول رببعة بن أبي عبد الرّحمن في الموطَّأ (1819) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2510)، وسويد (228)، ومحمد بن الحسن (764).
(¬3) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬4) في المنتقى: "منه مِكْيَلَةٌ معروفة".
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 236 - 237.
(¬6) قاله في التفريع: 2/ 147.
(¬7) انظر نحو. في المعونة: 2/ 1013 حيث يقول: "ولا يجوز بيعها بالخرص لأنّه غَرَرٌ".
(¬8) ووجهه عند الباجي أنّ الاعتبار في مقدار ما يبيعه بالتَّحرِّي والكيل يكثر به الغرر والخطر لاجتماعهما.
(¬9) على الإطلاق في القيل والكثير، انظر التلقين: 111، والمعونة: 2/ 1013.

الصفحة 84