كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

قال مالك (¬1): وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بالتَّمرِ في رُؤُوسِ النَّخْلِ. والمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الأَرضِ مِمَّا يَخرُج مِنهَا (¬2).
قال الإمام: الإسناد صحيحٌ.
وذَكَر (¬3) حديثَ ابنِ عمرَ قال: "وَالمُزَابَنَةُ بَيعُ الثَّمَرِ بِالتَّمرِ كَيلًا، وَبَيعُ الكَرمِ بِالزَّبِيبِ كَيلًا".
قال أهل العربيّة (¬4): المزابنةُ المدافعةُ، ومنة قولُه تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلّق: 18] (¬5) أراد -والله أعلم- الملائكة الّذين يدفعونه إلى النّار.
وفسرها الفقهاءُ فقالوا: المزابنةُ: بَيْعُ الثَّمَرِ في رؤوس النَّخْلِ بالتَّمرِ، ثمّ حمل ذلك على كلِّ رَطبٍ بيَابِسٍ، ثمّ حمل على البيع المجهول.
وقال مالك (¬6): "الْمُزَابَنَةُ: كُلُّ شَيءٍ مِنَ الجُزَافِ الَّذِي لأ يُعلَمُ كَيْلُهُ، وَلَا وَزْنُهُ، وَلَا عَدَده"، وأمّا (¬7) "المُحَاقَلَةُ" فهي مشتّقَةٌ من الحَقْلِ وهو البَرَاحُ من الأرض، يقال للفَدَادِين: المحاقِيل، كما يقال لها: المزاريع. واختلفَ النّاسُ في ذلك، وقد فسّرهَا الصّاحب الرّاوي
¬__________
= وابن وهب عند مسلم (1546) ومُطَرِّف بن عبد الله عند ابن ماجه (2455).
(¬1) قول المؤلِّف -تبعًا للبوني: "قال مالك" فيه نظر، يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: 2/ 313 "قد جاء في هذا الحديث مع جودة إسناده تفسير المزابنة والمحاقلة، وأقلّ أحواله إنَّ لم يكن التفسير مرفوعًا فهو قول أبي سعيد الخدريّ، وقد أجمعوا أنّ من رَوَى شيئًا وعلم مخرجه سُلَّمَ له في تأويله؛ لأنّه أعلم به، وقد جاء عن عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله في تفسير المزابنة نحو ذلك".
(¬2) في الموطَّأ: "كراءُ الأرض بالحِنْطَةِ".
(¬3) مالك في الموطَّأ (1827) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2518)، وسويد (231)، ومحمد بن الحسن (778)، وابن القاسم (236)، والقعنبي عند الجوهري (684)، وعبد الرزّاق في المصنف (14489)، والشّافعيّ في الرسالة (906)، وابن مهدي عند أحمد: 2/ 7، وابن أبي أويس، والتنيسي عند البخاريّ (2171) (2185)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (1542) وقتيبة بن سعيد عند النسائي: 7/ 266.
(¬4) قول أهل العربية مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: 94/ أ.
(¬5) العلّق: 18.
(¬6) في الموطَّأ (1831) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2522).
(¬7) الفقرات التالية مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: 94/ أمع بعض الزيادات اليسيرة.

الصفحة 91