شَرَط إبقاءَهُ إلى تَغيُّرِهِ، فلا يخلو أنّ يشترطَ ذلك إلى أنّ يصيرَ رُطَبًا، أو إلى أنّ يصير تَمْرا، فإن اشترط أخذه رُطَبًا فلا خلاف فيه (¬1).
ووجه ذلك: اثه معلوم الصِّفة؛ لأنّ الإرطاب إنّما هو نضجٌ وليس فيه نقصان ولا زيادة، فجاز ذلك.
الثّالثة (¬2):
فإن اشترطَ أخذه تَمرًا، فإنّ ذلك ممنوعٌ في الجملةِ. وقال ابنُ وهبٍ عن مالك هذا، وكذلك لو وقع العَقْد حين الإرطاب واشترطه تمرًا:
ووجه ذلك: لأنّه لا يعلم صفته عند إنتهاء جفوفه (¬3)، وذلك مؤثِّرٌ في معنى العَقْد، إِلَّا أنّه لا يتفاوت تغيُّر ذلك، فلذلك لم يؤثِّر عند مالك وأصحابه (¬4) في فساد العَقْد، والفروع في هذا الباب متشعِّبةٌ جدًا، لُبابُها ما سردناه عليكم.
بَابُ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ عَيْنًا وَتِبرًا
قال في حديث مالك (¬5)، عن يَحيَى بنِ سَعِيدِ أَنَّهُ؛ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - السَّعدَينِ أنّ يَبيعَا آنِيةً مِنَ المَغانمِ مِنْ ذهَبٍ أَو فِضَّةٍ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلَاثَةٍ بِأربَعَةٍ عَينًا، أَوْ كُلَّ أَربَعَةٍ بثَلاثَةٍ عَينًا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ: "أَربَيتُمَا فَرُدَّا".
قال الإمام: ذكر ابنُ وهبٍ أنّه قال: "السَّعدينِ: سَعْدُ بنُ مَالِكِ" (¬6). وقال غيرُه:
¬__________
(¬1) بين المالكية.
(¬2) هذه المسألة إلى قوله: "مالك وأصحابه في فساد العقد" مقتبسة من المنتقى: 2/ 248.
(¬3) لأنّ التَّغيُّر يلحقه في المقدار والصِّفة.
(¬4) في المنتقى: "وأكثر أصحابه".
(¬5) في الموطَّأ (1843) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (1536)، وسويد (232).
(¬6) حكاهُ ابنُ عبد البرّ في التمهيد: 24/ 104 عن ابن وهب، ثمّ قال: "هكذا جاء في هذا الإسناد =