كتاب العقول
مقدَّمة (¬1)
قال الله تعالى: {وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2).
قال الإمام: اعلموا أنّ مالكًا - رحمه الله - أَطنَبَ في "الموطَّأ" في القَسَامَةِ والدِّيَةِ، واختصرَ القول في القِصَاصِ؛ لأنَّه اعتمدَ بيانَ الإشكالِ، وَوَكَلَ الأَوضَحَ إلى معرفةِ النّاسِ، قال الله تعالى: {وَلَكُمْ في الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (¬3).
وقد كانتِ العربُ تقولُ: القتلُ أَنْفَى للقَتلِ؛ لأنّها لم تكن تأخذُ حقَّها بعَدْلٍ، وإنَّما كانت تستَوْفِيه بِرِبًا، وأعظمُ ما يكون الرِّبا في الدِّماء، فشرعَ اللهُ تعالى استيفاءَ الحقِّ في القتل بالمساواة، فقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (¬4) يعني المساواةُ في القتلِ.
تَوْفِية (¬5):
قال الطّبريُّ (¬6) في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} الآية (¬7)، قال: نزلت فيمن كان من العرب لا يرضَى أنّ يأخذ بعَبْدٍ إِلَّا حرًّا، أو بوضِيعٍ إِلَّا شريفًا، أو بامرأة إِلَّا رجلًا (¬8)، ويقولون: أنفى للقتل، فردّهم اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى القصاص، وهي المساواةُ مع استيفاءِ
¬__________
(¬1) انظرها في القبس: 3/ 983.
(¬2) البقرة: 179، وانظر أحكام القرآن: 1/ 60.
(¬3) البقرة: 179.
(¬4) البقرة: 178.
(¬5) انظرها في الأحكام: 1/ 61.
(¬6) في تفسيره: 2/ 103.
(¬7) البقرة: 178.
(¬8) انظر أسباب النزول للواحدي: 44.