كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

نازلة أخرى (¬1):
واختلفَ العلّماءُ في نُكتَةِ أخرى، وهي أنّ الوَلِيَّ إذا قَتَلَ ذَكَرًا بأُنثَى هل يُحَاصِصُ في رَدِّ باقي الدِّيَةِ؟ وعلماءُ الأمصارِ على أنّ الذَّكَرَ بالأُنثَى رأسًا برَأسٍ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنّه لا يجوزُ أنّ يجتمعَ المُبدَلُ وبعضُ البَدَلِ، إذ ليس لذلك أصلٌ في الشّريعةِ ولا نظيرٌ، ولقد بالغَ مالكٌ في تأسيسِ هذه القاعدةُ، حتّى قال: يُقْتلُ الوالِدُ بِالوَلَدِ، وإن كان قد روَى التّرمذيُّ (¬2) وغيرُه؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَا يُقادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ" ولا يُخَصُّ هذا العمومُ في هذه القاعدةِ بهذا الحديثِ الّذي لم يَصِحَّ.
ابتداء الأبواب
حديثُ عَمرو بن يحيى بن حَزْم (¬3)؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - كَتَبَ كِتَابًا وَبَعَثَه مَعَهُ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى اليَمَنِ.
الإسناد:
قال الإمام: هذا حديثٌ مُرسَلٌ، قال أبو عمر (¬4): أرسل مالك في "الموطَّأ" حديث الدِّيَات ولم يُسنِدَه، وأَسنَدَهُ عن النَّبيِّ عليه السّلام سليمان بن داود، عن الزُّهريُّ، عن
¬__________
(¬1) انظرها في القبس: 3/ 987.
(¬2) في جامعه الكبير (1400) وقد سبق تخريجه.
(¬3) في الموطَّأ (2458) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2226)، والشّافعيّ في مسنده: 203، وابن القاسم عند النّسائي: 8/ 60.
(¬4) بنحوه في التمهيد: 17/ 338 - 339 وعبارته: "لا خلافَ عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد، وقد رُوِيَ مُسْنَدًا من وجهٍ صالحٍ. وهو كتابٌ مشهورٌ عند أهل السِّير، معروفٌ ما فيه عند أهل المعرفة يُستَغْنَى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنّه أشبَهَ التّواتر في مجيئه، لتلقَّي الناس له بالقَبول"، وانظر الاستذكار: 8/ 10. وقد وجدنا هذا النقل المنسوب إلى ابن عبد البرّ في تفسير الموطَّأ للقنازعي: الورقة 260 - 261، فلعلّ الخطأ في العزو هو من النُّسّاخ، أو سبق قلم من المؤلِّف رحمه الله.

الصفحة 32