على ما نبيِّنه إنَّ شاء الله، فنقول: أمّا (¬1) مِقدارُ الدِّيَةِ، فهي مئةٌ من الإبل، استقرَّت على ذلك في الجاهلية، وأقرَّها الإِسلامُ على هذه السُّنَّةِ، ويقالُ: إنَّ أوَّلَ ما تَقَرَّرَ ذلك في عَمُودِ النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - حين نَذَرَ عبدُ المُطَّلِبِ أنّ يذبَحَ عبدَ الله ابنَه. الحديثَ إلى آخرِه (¬2). ثمّ دامت كذلك ومَضَت عليه، حتّى جاء الإِسلامُ فبيَّنَها النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -، وأضافَ إليها أبدالَ ما دونَ النَّفسِ في الجِرَاحِ. رَوَى أبو داودَ (¬3) وغيرُه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلم؛ أنّه قال في الدِّيَة: "عَلَى أَهلِ الإِبِلِ مِئَةً، وَعلَى أَهلِ البَقَر مِئَتَي بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهلِ الغَنَمِ أَلفَي شَاةٍ، وعلى أهل الحُلَلِ مِئَتَي حُلَّةٍ، وَعلَى أَهلِ القَمحِ ما لم يحفَظهُ الرّاوي".
وروى التّرمذيُّ (¬4)؛ أَنَّ النَّبِىَّ - صلّى الله عليه وسلم - وَدَى العَامِرِيِّيْنِ بِدِيَةِ المُسلِمِ. وَرُوِيَ (¬5): "في المَوَاضِحِ خَمسٌ خَمسٌ". "ودِيَةُ الأَصابع عَشْرٌ في كُلِّ أُصبُع، وفي الَأَسنَان خَمسٌ" (¬6)، "والأَصَابعُ وَالأَسنَانُ سَوَاءٌ" (¬7). ورَوَى أبوَ داوُدَ (¬8)؛ "أنّ في الأَنَفِ الدِّيَة، وفي اليَدِ نِصْفُ العَقلِ، وفي المأمُومَةِ ثُلُثُ العقلِ؛ ثَلَاثَةٌ وثلاثون بعيرًا، وفي العينِ القائمةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ".
¬__________
(¬1) من هنا إلى آخر المسألة انظره في القبس: 3/ 990 - 992.
(¬2) رواه ابن إسحاق في سيرته: 10، وعنه ابن هشام في السيرة النبوية: 1/ 151، وانظر دلائل النبوة للبيهقي: 1/ 98 - 101، والحاكم: 2/ 554.
(¬3) في سننه (4532) من حديث جابر بن عبد الله.
(¬4) في جامعه الكبير (1404) وقال: " هذا حديث غريب لا نعرفُه إِلَّا من هذا الوجه".
(¬5) أي التّرمذيّ في جامعه الكبير (1390) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، وقال التّرمذيّ: "هذا حديث حَسَنٌ" وقد أخرجه أيضًا: عبد الرزّاق (10750)، وأحمد: 2/ 179، 180، وأبو داود (2274 م)، والنسائي: 5/ 65، والدراقطني: 3/ 210، والبيهقي: 8/ 81/ 93.
(¬6) أخرجه أبو داود (4564 م) من حديث عبد الله بن عمرو.
(¬7) أخرجه أبو داود (4560 م) من حديث ابن عبّاس.
(¬8) في سننه (4564 م) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه.