في إيجابِ الدِّيةِ، ولم يَصِحَّ ذلك؛ لأنّ المَارِنَ لم يُرَاعَ فيه إذهابُ الجمالِ على الكمالِ كما زَعَمَ، إنّما راعَينا فيه الجمالَ والمنفعةَ.
تفسيرُ ما تقدّم ذِكرُهُ وشرحُه مسألة مسألة:
وذلك ثلاثَ عَشَرةَ مسألةً:
المسألة الأولى (¬1):
قولُه (¬2) في حديث عَمرِو بنِ حَزْمٍ: "وَفي الأَنْفِ إِذَا أَوعَبَ (¬3) " يريدُ: استوعَبَ قَطعَهُ، وقد ذكر ابنُ شعبان قطع الأنف فقال: وفي الأنف ما جاء في الخبر: "إِذَا أَوْعَبَ جَدْعًا" (¬4) وكذلك إذا قطع مَارِنهُ، فجعل استيعابَ الجدع قطع جميع الأَنْف، وجعلَ في قطعِ المَارِنِ مثل ذلك.
وقَطعُ المارِن هو ما فوق العظمِ الّذي هو أصلُ الأنفِ (¬5). وقال أَشهَبُ: هو المارِنُ.
وفي "المجموعة" عن ابنِ شهاب أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قَضَى في الأَنْفِ بقطع مَارِنِهِ فيه الدِّية كاملة، ولعلَّهُ ذهب إلى حديث عَمْرو بن حزم.
وفي "المَوَّازية" عن ابنِ القاسِمِ وأشهَب، عن مالك؛ أنّه قال: فيه الدِّيَةُ كاملة.
وفي "النَّوادر" (¬6) من رواية ابن نافع عنه: لا دِيَةَ فيه وإن ذهب شمّه، حتّى يُستَأصلَ من أَصْلِهِ. قال ابن أبي زيد: لا تستكملُ فيه الدِّية إِلَّا بهذا، وهو شاذٌّ.
المسألة الثّانية (¬7): في توجيه هذه الأقوال وتنقيحها
فوجهُ القولِ الأوّل -وهو المشهورُ-: أنّ المَارِنَ عضوٌ فيه منفعةٌ كاملةٌ وجمالٌ ظاهرٌ، فوجبتِ الدِّيةُ بجَدْعِهِ أصلَ ذلك العضو.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 7/ 66.
(¬2) في الموطَّأ (2438) رواية يحيى.
(¬3) كذا في المنتقى، والذي في الموطَّأ: "إذا أُعِيَ، أي أُخِذَ كلُّه".
(¬4) أخرجه ابن حزم في المحلّى: 10/ 411، وانظر تلخيص الحبير: 4/ 29.
(¬5) هذا التفسير هو للقاضي عبد الوهّاب، كما نصّ على ذلك الباجي، وانظر المعونة: 2/ 1329 ويقول
(¬6) عبد الملك بن حبيب في شرح غريب الموطَّأ: الورقة 96 "والمارن: ما لانَ من الأنف وليس العظم منه".
(¬7) هذه المسألة مع فرعها مقتبسة من المنتقى: 7/ 66.