كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
ولا مُسنَدٍ، وقد جاء في الحديث ردّ السّلام، ممّا يدلُّ على أنَّه من الفروض الّتي على الكفاية، فالمصير إليه أَوْلَى من الرّأي.
الرّابعة (¬1): في صفة سلام أهل الكتاب
إذا قالوا: السّلام عليكم، قيل لهم: "وَعَلَيكُمْ" (¬2) ورُوِي: "عَلَيْكُمْ" (¬3) وقد رويت الوجهان حين قالوا هم: " السَّامُ (¬4) عَلَيكُم، فقالت عائشة: وعليكم السَّام واللَّعْنَة، فنهاها رسولُ اللهِ، وقال: وعليكم، ثمَّ قال لعائشة: إنَّهُ يُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُستَجَابُ لَهُم فِيَّ" (¬5).
واختار بعضهم ترك الواو (¬6)، لِمَا فيه من الرَّدِّ عليهم قولهم الفاسد، وإذا دخلت الواو فهو المعنى بعينه؛ لأنّه عطف ما دعا على ما دعوا، التّقدير: وعليكم الّذي قُلْتُم. ثمّ قال: إنّه ينفذ قولي فيهم ولا ينفذ قولهم فيَّ. والّذي في "الموطّأ" (¬7) عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "عَليَكَ" (¬8) وهذا يرفع كلّ إشكالٍ وخلافٍ، ويقضي على رواية من غير النّبيِّ -عليه السّلام-.
¬__________
(¬1) انظرها في العارضة: 10/ 169، وراجع إنَّ شئت أحكام القرآن: 1/ 465
(¬2) في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ (6024)، ومسلم (2165).
(¬3) في الحديث الّذي أخرجه البخاريّ (6256).
(¬4) السام: هو الموت، انظر تفسير غريب الموطَّأ لابن حبيب: الورقة 160.
(¬5) أخرجه البخاريّ (6030، 6395، 6401).
(¬6) وهو الّذي رجّحه المؤلِّف في أحكام القرآن: 1/ 465 حيث قال: "والمحدِّثون يقولون بالواو، والصّواب سقوط الواو؛ لأنّ قولنا لهم: عليكم ردُّ، وقولنا: وعليكم، مشاركَةٌ، ونعوذ بالله من ذلك"، ويقول ابن حبيب في شرح غريب الموطَّأ: الورقة 160 " ... لأنك إذا قلتَ: وعليك، فقد حقّقت على نفسك ما قال لك لما أشركته معك فيه، ولكن: عليك، ردٌّ عليه لما قال ودَفْعٌ لشتمه".
(¬7) الحديث (2759) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2021)، وسويد (3/ 664).
(¬8) الحديث كاملًا كما في الموطَّأ، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ اليهودَ إذا سلَّمَ عليكُم أَحَدُهُم، فإنّما يقول: السَّامُ عليكم. فَقُل: عليك".
الصفحة 511
632