كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

المخلوقات طبائع، ولو كان هذا صحيحًا لانقلبت طبيعة إلى طبيعة، كما تصوّرت أخرى بصورة، فيكون مسخًا، وما صحَّ من المُسُوخ إِلَّا قليل، يحتمل أنّ يكون منهم الضَّبّ والفَأر (¬1).
قال الإمام: وهذا منهُم دَعوَى، وأمرٌ لا يعلَمُ بالعقل، وإنّما يعرف بطريق الشّرع، وليس في ذلك أثر يُعَوَّلُ عليه (¬2).
الثّانية:
اختلف العلّماءُ في تعليله:
فقيل: العلّةُ فيه ما تقدّم أنّه خشي أنّ يكون من المُسُوخ، وهذا ضعيف.
وقيل: العلّةُ فيه ثِقَل رائحته، ويدلُّ عليه قوله في المصنّفات: "إِنِّي تَحْضُرُنِي مِنَ اللهِ حَاضِرَةٌ" (¬3) يريد من الملائكة عليهم السّلام فاحترمهم؛ لأنَّ له رائحةً ثقيلةً، فاتَّقاهُ لأجلهم، كما كان يتّقي الثّوم والبصل (¬4).
فهذا أصحّ (¬5) من الحديث الّذي قال فيه: "لَا أَدرِي لَعَلَّهُ مِنَ القُرُونَ الَّتِي مُسِخَتْ" (¬6) وهذا التَّعليل لم يتحقّق (¬7).
¬__________
(¬1) زاد في العارضة: "القرد والخنزير".
(¬2) من الغريب حقًّا أنّ يقول المؤلِّف هذا الكلام، فحديث مسلم (2663) عن عبد الله بن مسعود معلوم، إِلَّا أنّه غاب عن المؤلِّف ولم يستحضره، وقد تنبَّه فقهاؤنا إلى هذا القول الغريب فاستشكلوه، انظر فتح الباري: 9/ 667.
(¬3) أخرجه مالك في الموطَّأ (2774) رواية يحيى، مُرْسَلًا.
(¬4) نقل المؤلِّف هذا القول من المعلم بفوائد مسلم: 3/ 49 - 50.
(¬5) هذا القول فيه نظر؛ لأنّ جملة: "إنِّي تحضرني من الله حاضرة" قال عنها الحافظ ابن عبد البرّ في التمهيد: 19/ 235 "إن صحّت هذه اللّفظة لأنّها لا توجد في غير هذا الحديث".
(¬6) رواه مسلم (1949).
(¬7) وهو قول المازري في المعلم: 3/ 50.

الصفحة 524