كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
ومنه حديث ابن عبّاس: "مَنْ لَزِمَ الْبَادِيَةَ جَفا" (¬1).
وقال الأخفش (¬2): الفدَّادون هم الأعراب، وأصل الفديد رفعُ الصّوتِ والجَلَبَةُ؛ وذلك أنّ أصحاب الإبل من شأنّهم رفع الصّوت إذا عملوا العمل وإذا مَشَوا.
الثّالثة (¬3):
قوله: "وَالسَّكِينَةُ في أَهلِ الغَنَمِ " فالسَّكينةُ مأخوذةٌ: من السُّكون والوَقَارِ. والسَّكينةُ اسمٌ يُمْدَحُ به ويُذّمُّ بضدِّه، وقد قال - صلّى الله عليه وسلم -: "إذا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأتُوهَا وَأنتُم تَسعَونَ، وَأتُوهَا وَعَلَيكُمُ السَّكِينةُ (¬4) والوَقَارُ" (¬5) قال الأخفش (¬6): وذلك أنّ أهل الغنم عملهم هيِّنٌ ليس فيه مؤنة.
حديث أبي سعيد الخُدري (¬7)؛ أنّه قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ أنّ يَكُون خَيرُ مَالِ المسلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتنِ".
الإسناد:
قال الإمام: الحديث صحيح، خرجه الأيمّة، لا كلام فيه ولا مدفع.
عربيّة (¬8):
قوله: "شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ" يريد رؤوس الجبال وأعاليها، واحدتها شَعَفَة.
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة (32957)، وأحمد: 1/ 357، والبخاري في الكُنَى (649)، وأبو داود (2859ع)، والترمذي (2256) وقال: "هذا حديث حسنٌ غريبٌ"، والنسائي في الكبرى (4821)، وأبو نعيم في الحلية: 4/ 72، والذّهبي في سير أعلام النبلاء: 4/ 552 وقال: "أبو موسي [اليماني]: مجهول"، وانظر ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين للسيوطي: 31.
(¬2) في غريب الموطَّأ" نسخة صائب بأنقرة وهي غير مرقمة.
(¬3) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: 27/ 205.
(¬4) أخرجه مسلم (602، 603) عن أبي هريرة.
(¬5) لفظ "الوقار" لم يردّ في الاستذكار ولا في مسلم، ولكنه ورد في رواية البخاريّ (636) بلفظ: "إذا سمعتم الإقامة ... عليكم بالسكينة والوقار".
(¬6) قول الاخفش من إضافات المؤلِّف على كلام ابن عبد البرّ، وهو ثابت في شرحه لغريب الموطَّأ.
(¬7) في الموطَّأ (2781) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (2043)، وسُوَيْد (2/ 739)، وابن القاسم (393)، والقعنبي عند الجوهري (592)، وإسحاق بن عيسى الطباع عند أحمد: 3/ 43، وابن أبي أويس عند البخاريّ (3300)، والتيسي عند البخاريّ أيضْا (7088)، ومَعْن عند النسائي: 8/ 123.
(¬8) كلامه في العربيّة هو المسألة الأولى، والفقرة الأولى منه مقتبسة من الاستذكار: 27/ 206.
الصفحة 531
632