كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وقال الأخفش (¬1): ظهور الجبال.
الثّانية:
قوله: "وَموَاقِعَ القَطرِ" يريد الأرض حيث يكون القَطر، فتخصب ويكثر فيها الماء.
الثّالثة (¬2):
قوله: "يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ" قال الإمام: أمّا الفتنُ فكثيرةٌ في الأهل والمال والوَلَدِ، وما يلقاه المؤمنُ ممّن يحسده ويُؤذيه، حتّى يفتنه عن دينة، أو ممّن يراه فوقه في المال والجاه والحال، فتكون فتنة له.
الرّابعة (¬3):
قال علماؤنا: في هذا الحديث دليلٌ على تغيّر الأزمنة، ودلالة على فضل العُزلة، وقد قال عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه -: اليَأسُ غِنىَ، والطَّمَعُ فَقرٌ حاضرٌ، وفي العزلة راحةٌ من خُلَطَاءِ السُّوء (¬4).
وقال أبو الدّرداء: نِعمَ صومعةُ الرّجُلِ بَيتُه يكفُّ فيه بصره ونفسه، وإيّاكم والمجالس في الأسواق؛ فإنّها تُلغِي وتُلهِي (¬5).
وإنّ قَومًا لَزِمُوا بيوتَهُم حين قُتِل عثمان، فلم يخرجوا منها حتّى لقوا الله تعالى (¬6).
¬__________
(¬1) في شرحه لغريب الموطَّأ: نسخة صائب بتركبا، غير مرقمّة.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: 27/ 206.
(¬3) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبس من الاستذكار: 27/ 206 - 207.
(¬4) أخرج هذا الأثر وكيع في الزُّهد (251)، وابن عبد البرّ في التمهيد: 17/ 442.
(¬5) أخرجه وكيع في الزُّهد (251)، ومن طريقه: ابن أبي شيبة (34595)، وهناد بن السري في الزهد (1235)، وابن أبي عاصم في الزهد: 135، وابن عبد البرّ في التمهيد: 17/ 441 - 442.
(¬6) هذا القول إشارة إلى الأثر الّذي رواه ابن عبد البرّ في التمهيد: 17/ 441 - 442 بسنده عن ابن لهيعة، عن سيَّارِ بن عد الرّحمن، قال: قال لي بُكير بنُ الأَشَجَ: ما فعل خالُك؟ قلت: لَزِمَ البيتّ منذ كذا وكذا، فقال: ألَّا إنَّ رجالًا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان، فلم يخرجوا إِلَّا إلى قبورهم. وانظر تفسير القرطبي: 10/ 362.

الصفحة 532