كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
واللّبنُ في الضّرْعِ يُشبِهُ الطّعام المخزون تحت الأقفال، وقد شَبَّهَهُ رسولُ الله في هذا الحديث بذلك بقوله: "فَتُكسَرَ خِزَانَتُهُ"، ولا أعلم بين أهل العلم خلافًا أنّه لا يجوز كَسرُ قُفْلِ مسلمٍ ولا ذمّىٍّ لأخذ شيءٍ من ماله بغير إذنه. وليس الثَّمَرُ المعلَّقُ عند أكثرهم كذلك، لما ورد في ذلك من الآثار المرفوعة لكنّها حسان وردت في ذلك، منها: حديثُ عَمرو بنِ شُعَيب، عن أبيه، عن جدّه؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - سُئلَ عن الثَّمَرِ المُعلَّقِ، فقال: "مَن أَصَابَ مِنهُ من ذِي حَاجَةٍ غَيرَ مُتَّخِذِ خُبنَةً، فَلَا شَيءَ عَلَيه" (¬1).
وحديث ابن عمر، عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -قال: "مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَأَكَلَ منهُ، فَلَا يَتَّخِذ خُبنَةً" (¬2).
ومن حديث سَمُرَة بن جندب؛ أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ عَلَى مَاشِيَةٍ، فَإِنْ كانَ فيها صاحِبُهَا فَلَيستَأذِنهُ، فإن أَذِنَ له فَليَحتَلِبْ وَليَشرَب. وإن لم يكن فيها أَحَدٌ فليُصَوِّت ثلاثًا، فإن أجابَهُ أَحَدٌ فَلَيستَأذِنهُ، فإن لم يُجِبهُ أَحَدٌ فليَحتَلِب وَليَشرَب وَلا يَحْمِل" (¬3).
قال الإمام: وهذه الآثار يحتَمِل أنّ تكون فيمن احتاج وجاعَ، أو في مال الصّديق إذا كان تافهًا لا يُتشَاحُّ في مثله.
وكان سَمُرَة وأنس بن مالك وأبو برزة في سفرٍ، فكانوا يُصيبون من الثِّمار (¬4).
وقال الحسن البصري: يأكل ولا يُفسِد، ولا يَحمِلُ (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه الحميدي (597)، وأحمد: 2/ 180 وفي مواضع، والتّرمذي (1289، وقال: هذا حديث حسن صحيح من هذا الوجه من حديث يونس بن عُبَيد عن عطاء عن جابر)، وأبو داود (1707)، وابن ماجه (2596)، والنسائي: 5/ 44، 8/ 84، والحاكم: 4/ 381، والبيهقي: 8/ 278.
(¬2) أخرجه التّرمذيّ (1287) وقال: "حديث غريب"، وفي العلّل الكبير (339)، وابن ماجه (2301)، والبيهقي: 9/ 359.
(¬3) أخرجه التّرمذيّ (1296، وقال: حديث حسن صحيح غريب)، وأبو داود (2612)، والطبرانى في الكبير (6877)، والبيهقي: 9/ 359.
(¬4) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: 14/ 208 - 209 من طريق ابن المبارك.
(¬5) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: 14/ 208 - 209 من طريق أبي داود الطيالسي، وأخرجه ابن أبي شيبة (20317) من قول ابن سيرين.
الصفحة 534
632