كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
حديث مالك (¬1)؛ أنّه بلغه أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِن نَبِىٍّ إِلَّا قَدْ رَعَى الغَنَمَ". قِيلَ: وأنت يا رسولَ الله؟ قال: "وأنا".
الإسناد:
قال الإمام: هذا حديثٌ بلاغٌ، وقد خرّجه الأيمّة مسلم (¬2) وغيره (¬3).
الفوائد والمعاني:
الأولى (¬4):
فيه ما يدلُّ على فَضلِ الغنمِ، وفَضلِ اكتسابها ورَعيها والقيام بها، تبرُّكًا بأنبياء الله صلواتُ الله عليهم، وحسبُك بما ذكره الله تعالى في كتابه عن موسى؛ قال الله العظيم: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} (¬5).
وهذا الحديث الّذي ذكره مالك بَلَاغٌ يسنَدُ من حديث أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة؛ قال: مررنَا مع رسولِ الله بِثَمَرِ الأَرَاكِ، فقال:"عليكم بِأَسوَدِهِ فَإِنِّي كنت أَجتَنِيهِ إِذ كُنْتُ أَرعَى الغَنَمَ" قالوا: يا رسولَ الله، وكنت ترعى الغنم؟ قال: "نعم، وما من نبىٍّ إِلَّا وقد رَعَى الغَنَمَ" (¬6).
وفي هذا الحديث إباحةُ الإخبار عن الماضين من الأنبياء، وفي قياس ذلك الإخبار عن الأُمم الماضية والقرون الخالية السّالفة، وعلم أيّام النَّاس، لقوله: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} الآية (¬7).
¬__________
(¬1) في الموطَّأ (2783) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (2045)، وسُويد (740).
(¬2) الحديث (2050).
(¬3) كالبخاريّ (3406) وغيره.
(¬4) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 27/ 213 - 214.
(¬5) طه: 17 - 18.
(¬6) أسنده ابن عبد البرّ في التمهيد: 24/ 344 - 345 من طرق، وانظر البخاريّ (3406، 5453).
(¬7) آل عمران: 140.
الصفحة 535
632