كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وقال الشّافعيُّ (¬1) وأبو حنيفة (¬2): إنّها نجِسَةٌ (¬3).
فعلى هذا إذا أخرجت من الدّهن حيّة لم ينجس، ولا يطرح منه شيءٌ. وإن ماتت فيه حينئذٍ يكون الحكمُ.
وتعلّق الذين يرون أنّها نجِسَة، بقول النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "إذَاَ وَقَعَتِ الفَأرَةُ في السَّمنِ " وهذا يدلُّ على نجاستها، إذ لو كانت طاهرة لما أثّر وقوعها.
قلنا: قوله: "إِذَا وَقَعَت" يعني: وماتت، كقوله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬4) يعني المتقدّمة، فافطر فعدّة، ولكنّه اختصره لِعلمِ السَّامع.
فإن قيل: إنّما كان ذلك الأضمار هنالك لما قام عليه من دليل.
قُلنا: قد بيَّنَّا الدّليل على هذه المسألة في "أدلة المسائل" وأقمناه واضحًا على أنّ الحياة علّة الطّهارة، وأنّ كلّ حي طاهرٍ حتّى الخنزير، فَليُنظَرْ هنالك.
الثّانية (¬5):
قد بين في حديث التّرمذيّ (¬6) أنّها ماتت فيرتفع كلّ إشكالٍ.
الثّالثة (¬7):
قال المفسِّرون: "ألقُوهَا وَمَا حَولَهَا" يدلُّ على أنّه جامدٌ إذ لو كان مائعًا ما كان له حول (¬8).
¬__________
(¬1) انظر الحاوي: 15/ 157.
(¬2) قال محمّد بن الحسن في كتاب الأصل: 1/ 85 "قلت: أرأيت الفأرة ماتت في سمن جامد وتفسّخت فيه؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها فيُرمَى به، ولا باس بأكل ما بقي والانتفاع به" وانظر مخصر الطحاوي: 299، والمبسوط: 1/ 95.
(¬3) علّق الحافظ ابن حجر على المؤلِّف بقوله: "وأغرب ابن العربي فحكى عن الشّافعيّ وأبي حنيفة أنّها نجسة". فتح الباري: 9/ 670.
(¬4) البقرة: 184، وانظر أحكام القرآن: 1/ 78 - 79.
(¬5) انظرها في العارضة: 7/ 301.
(¬6) رقم (1798) بلفظ " ... في سَمْنٍ فَمَاتَتْ".
(¬7) انظرها في العارضة: 7/ 301.
(¬8) أشار ابن حجر إلى هذا التفسير ونسبه إلى ابن العربي. فتح الباري: 9/ 669 - 670.

الصفحة 539