كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

الحِجَامَة" (¬1) حديث آخر. وفي حديث ابن عبّاس أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الشِّفَاءُ في ثلاثٍ: في شَربَةِ عَسَلٍ، أو شَرطَةِ مِحجَمٍ، أو كَيِّةٍ بِنَارٍ" (¬2).
وقال علماؤنا (¬3): الحِجَامةُ بالحجاز أنفع من الفَصدِ، والفَصدُ في هذه البلاد (¬4) أنفع من الحجامة، وكلُّ ذلك في الجملة، وإلَّا فللفَصدِ موضعه وللحجامة موضعها.
وبالجملة؛ فإن الّذين ترجموا عن الأطبَّاء لم يجعلوا للحجامة قَدْرًا؛ لأنّهم رأوا ثناء النَّبىِّ -عليه السّلام- عليها، وقد أظهر اللهُ دينه وكلامه ورسوله ولو كَرِهَ المشركون.

ما جاء في المَشْرِقِ
فيه حديث ابن عمر (¬5)؛ قال: رأيتُ رسولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - يشير إلى المشرق ويقولُ: "إنَّ الفِتْنَةَ ههنا، إنَّ الفِتنَةَ من حيثُ يَطلَعُ قَرنُ الشَّيطَانِ".
الإسناد:
قال الإمام: الحديث صحيح خرَّجه مسلم (¬6).
المعاني والفوائد:
الفائدةُ الأولى (¬7):
قوله: "وهو يُشِيرُ إلى المشرق ويقول: إنَّ الفتنة هاهنا" يريد -والله أعلم- هنالك معظمها وابتداؤها، أو يشير إلى فتنةٍ مخصوصةٍ يحذّر منها في المستقبل.
وكانت الفتنةُ الكبرى مفتاح فساد ذات البَيْن، وهي قتل عثمان رضي الله عنه، وهي
¬__________
(¬1) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: 24/ 348 عن سَمُرَة بن جندب.
(¬2) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: 24/ 348 - 349، وهو في البخاريّ (5680).
(¬3) انظره في العارضة: 8/ 206.
(¬4) يقصدون بلاد الأندلس.
(¬5) في الموطَّأ (2794) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (2054)، وسُوَيد (746).
(¬6) الحديث (2905)، وهو في البخاريّ (3104).
(¬7) ما عدا الفقرة الأولى المنقولة من المنتقي: 7/ 299 فالكل مُقتَبَسٌ من الاستذكار: 27/ 246 - 247.

الصفحة 551