كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
قال الإمام (¬1): إنّما قيل لعيسى هذا؛ لأن الخِنْزِير كثير الأَذَى لبني آدمَ في أموالهم وزُروعهِم وكرومهم (¬2).
باب ما يُؤْمَر به من التَّحَفُّظِ في الكلام
فيه حديث بلال بن الحارث (¬3)؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ الرّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ من رِضْوَانِ اللَّهِ" الحديث.
الأسناد (¬4):
قال الإمام: لم يختلفِ الرُّواةُ عن مالك في إسناد هذا الحديث (¬5).
المعنى في هذا الحديث: أنّ الكلمةَ قد تكون ممّا يُسخطُ اللَّهَ وممّا يرضيه، وإنّها المقُولةُ عند السّلطان الجائر، فيتكلّم الرّجلُ عنده بالخير للمسلمين وما فيه نفع لهم، قيُرْضي اللَّهَ، أو يتكلَّم بالشَّرِّ والباطل ممّا يعينُهُ على جَوْرِهِ وظُلْمِهِ فيسخطُ اللَّهَ. فإذا كانت الكلمة اليسيرة تُدخِلُ صاحبها النّار، فمن الحقّ أن يُمسك الإنسانُ لسانه ولا يتكلّم
¬__________
(¬1) القول التالي مقتبس من الاستذكار: 27/ 311.
(¬2) جاء في نسخة "ف" عقب هذا الكلام مباشرة: "وهذا الحديث الرّابع هو طُرَّةُ في الأمّ" وكنّا نودّ إدراج هذا الحديث في الهامش، لاعتقادنا أنّه من إضافات بعض قراء أو ناسخ المخطوط الأمّ، إلّا أن وروده في النّسختين الجزائرية والمغربية شككنا في الأمر وطرح احتمال أن تكون الزيادة من المؤلِّف، والأمر يحتاج إلى بحث، وبخاصة أنّه قال في بداية الباب: "وفي هذا الباب أحاديث ثلاث".
(¬3) في الموطّأ (2818) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2072)، وسويد (759)، وابن القاسم (103)، والقعنبي عند الجوهري (265)، وابن أبي أويس عند الحاكم: 1/ 46.
(¬4) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: 27/ 321.
(¬5) أي لم يختلفوا في إسناده عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المُزَنيِّ، وهو بهذا الإسناد غير متَّصِلٍ، وقد رواه جماعة -كما بين ذلك ابن عبد البرّ في التمهيد: 13/ 49 - 50، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جدِّه عن بلال، وهو الّذي نصره ابن عبد البر، فقال في التمهيد: "والقول عندي فيه -والله أعلم- قول من قال: عن أبيه، عن جده" وقال في الاستذكار: 27/ 312 "هو الأوْلَى والأصحّ".
الصفحة 574
632