كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

ابن العشيرة" (¬1).
وقوله: "لا غِيبَةَ في ثلاثة: إمامٌ جَائِرٌ، وفاسقٌ مُعْلِنٌ بفسقِهِ، وصاحب بدعة" (¬2). وقال سهل: مَنْ سلِمَ من الغِيبَةِ، أو قَال: من ترك الغِيبَة أصلًا مَشَى على الماءِ. وقد بيّنَ الإمام الطّوسي في ربع المهلكات (¬3) هذا الباب وأتْقَنَهُ بما فيه كفاية.

ما جاء فيما يُخافُ من اللِّسان
الحديث الّذي ذكره مالك في هذا الباب (¬4)، هو حديث مرسل من مراسيل عطاء ابن يسار (¬5). قوله: "مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ الجَنَّةَ، ما بَيْنَ لَحْيَيْهِ وما بَيْنَ رِجْلَيْهِ" يريد: الفم والفَرْج، وأكثر ما يعذَّب النّاس على بطونهم وفروجهم.
قال الإمام (¬6): وفي هذا الحديث دليلٌ على أنّ أكبرَ الكبائرِ إنّما هي من الفَمِ والفَرْج، وما بين اللّحيين الفم، وما بين الرَّجلين الفَرْج. فمِنَ الفَمِ ما يتولّد من اللِّسان، وهو كلمةُ الكفر، وقذفُ المحصنات، وأخذ أعراضِ النَاس. ومن الفم أيضًا شُرْبُ الخمرِ، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ أموال اليتامَى ظُلمّا. ومن الفَرْجِ الزّنا واللّواط، ومنِ اتَّقَى ما بين الفم والفَرْجِ، فأحرى أن يتّقي القتلَ، والله أعلمُ.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (6131)، ومسلم (2591) من حديث عروة بن الزبير، وانظر غوامض الأسماء المبهمة لابن بشكوال: 1/ 329.
(¬2) رواه ابن أبي الدنيا في الغيبة (97) من قول الحسن، وذكره الغزالي في الإحياء: 3/ 153.
(¬3) من كتاب إحياء علوم الدين: 3/ 141 - 145، وهو الكتاب الرابع من ربع المهلكات.
(¬4) من الموطّأ (2824) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2077)، وسويد (764).
(¬5) قال ابن عبد البرّ في التمهيد: 5/ 61 "لا أعلم عن مالك خلافًا في إرسال هذا الحديث، وقد رُوِيَ معناه متّصلاً من طرق حسان". قلنا: وقد رواه البخاريّ موصولاً عن سهل بن سعدٍ، الحديث (6474).
(¬6) من هنا إلى آخر الباب مقتبسٌ من الاستذكار: 27/ 333 - 334، 340 - 342.

الصفحة 580