كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وحدُّ الكذب عندنا هو: الإخبار بالشَّيءِ على ما ليس هو عليه (¬1)، وحدّ الصِّدق: مايُخْبَرُ على حقيقة ما هو به (¬2).
وبالصّدق فاز من فاز، والله قد أثنى على الصّادقين فقال: {وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} (¬3).
وقال بِشْرُ بن بَكْرٍ: رأيتُ الأوزاعيَّ مع جماعة من العلماء في المنام في الجنّة فقلت وأين مالك بن أنس؟ فقال: رُفعَ. فقلتُ: بماذا؟ قال: بصدقه (¬4).
وقال منصور الفقيه:
الصِّدْقُ أَوْلَى مَا بِهِ ... دَانَ امْرُؤٌ فَاجْعَلْهُ دِينَا
وَدَعِ النِّفَاقَ فَمَا رَأَيْتُ ... مَنَافِقًا إِلّا مَهِينَا (¬5)
قال: يكون المؤمن جبانًا ولا يكون كذّابًا ويكون بخيلًا (¬6).
وكان أبو حنيفة لا يُجِيزُ شَهادةَ البَخِيلِ (¬7).

ما جاء في إضاعَة المال وذي الوَجْهَيْن
أدخل مالك (¬8) فيه حديث بن أبي صالح، عن أبيه؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ اللهَ
¬__________
(¬1) انظر الحدود في الأصول لابن فورك: 135.
(¬2) انظر المصدر السابق: 134.
(¬3) التوبة: 119.
(¬4) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتّعديل: 1/ 28، كما أورده الباجي في المنتقى: 7/ 314.
(¬5) أوردهما ابن عبد البرّ في بهجة المجالس: 1/ 573، وابن مفلح في الآداب الشرعية: 1/ 70.
(¬6) يشير إلى ما أخرجه الإمام مالك في الموطّأ (2832) مرسلًا، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2088)، وسويد (772). قال ابن عبد البرّ في الاستذكار: 27/ 354 "لا أحفظ هذا الحديث مُسْنَدًا من وجه ثابتٍ، وهو حديث حسَنٌ مُرْسَلٌ"، وانظر التمهيد: 16/ 253.
(¬7) وعلل أبو حنيفة المنع بقوله: "إنّه يحملُه النَّقصُ على أن يأخُذَ فوقَ حقِّه" عن الاستذكار.
(¬8) في الموطّأ (2833) رواية يحيى.

الصفحة 584