كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
ومَن لايَمْلِكُ الشَّفَتَينِ يَسْخُو ... بِسُوءِ اللَّفْظِ مِنْ قِيلٍ وقَالِ
قال الإمام: وأنشدني المبارك بن عبد الجبّار بمدينة السّلام في هذا المعنى (¬1):
لِقَاءُ النَّاسِ لَيْسَ يُفِيدُ شَيْئاً ... سِوَى الهَذيَانِ مِنْ قِيلِ وَقَالِ
فَأَقْلِلْ مِنَ لِقَاءِ النَّاسِ إلاَّ ... لأَخْذِ العِلْمِ أَوْ لِصَلاَحِ حَالِ
فمَنْ يَبْغِي سِوَى هَذَيْنِ أَخْطَأ ... وَكَلَّفَ نَفْسَهُ طَلَبَ المحَالِ
الرّابعة (¬2):
قوله: "وإضَاعَةَ المَالِ" فلعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال
أحدها: أنّ المال هنا أُريدَ به مِلْكُ اليمينِ من العبيد والإماءِ والدَّوابَّ، وسائر الحيوان الَّذي في ملكه، أن يُحْسِن إليهم ولا يُضَيعهم (¬3).
والقول الثاني: "إضاعة المال": تركُ إصلاحه والنّظر فيه، وتنميته وكسبه.
والقول الثّالث: "إضاعة المال": إنفافُه في غير حقّه من الباطل والإسراف والمعاصي.
وهذا القولُ هو الصّوابُ عندي، واللَّهُ أعلمُ.
الخامسة:
قوله: "وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ" ففيه عن أشياخنا (¬4) قولان:
أحدهما: يُكْثِرُ السُّؤالَ عن المسائلِ النّوازلِ المُعْضَلَاتِ في معاني الدِّياناتِ
¬__________
(¬1) هذه الأبيات هي لأبي عبد الله الحميدي (ت. 488) وما عدا البيت الأخير فقد رواهما ابن بشكوال في الصلة: 2/ 531 عن طريق ابن العربي، قال: أنشدنا أبو بكر بن طرخان، قال: أنشدنا الحميدي لنفسه. كما وَرَدَا في وفيات الأعيان: 4/ 283، والمغرب في حلى المغرب: 2/ 468، وسير أعلام النبلاء: 9/ 127، ومعجم الأدباء: 6/ 2600، ونفح الطيب: 2/ 114.
(¬2) هذه المسألة مقبسة من الاستذكار: 27/ 362 - 363، وانظر التمهيد: 21/ 292 - 293.
(¬3) ذكره ابن رشد في البيان والتحصيل: 18/ 309 وضَعَّفَه.
(¬4) المراد هو ابن عبد البرّ في الاستذكار: 27/ 364، وجلّ المسألة مقتبس منه.
الصفحة 587
632