كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
ما جاء في التُّقَى
قال الإمام: أدخل مالك في هذا الباب حديث عمر بن الخطاب (¬1)، وهو صحيحٌ.
المعاني (¬2):
الأصل في هذا قولُه: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (¬3) يريدُ: زَادَ الآخرةِ. والتّقوى اسمٌ جامعٌ لطاعةِ الله، والعمل بها فيما أمَرَ به ونَهَى عنه، فإذا انتهى المؤمنُ عمّا نهاهُ اللهُ، وعمِلَ بما أمَرَه الله، فقد أطاع الله واتّقاهُ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} الآية (¬4). والتقوى اسمٌ جامعٌ لخشية الله، لقوله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (¬5).
وقالت الصّوفية: التّقوى هو أن يتّخذ العبدُ الطّاعةَ وقاية من عذاب اللهِ (¬6).
وقوله: "بَخٍ بَخٍ (¬7) أَمير المؤمنين" فهو توبيخٌ منه لنفسه، وتوبيخُ النَّفْسِ وتقريعُها عبادةٌ، كما أنّ الرِّضَى عنها هَلَكَةٌ.
القولُ إذا سَمِعْتَ الرّعدَ
قال الإمام: أدخل مالك في هذا الباب كيفيّة الدّعاء عند الرّعد، وما يقوله الرّجلُ، وهو حَسَنٌ جدًّا، من أحسن ما رُوِي فيه قولُه (¬8): سبحانَ الذي يُسَبَّحُ الرَّعدُ بحَمْدِهِ
¬__________
(¬1) هو في الموطّأ (2737) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2095)، وسويد (778).
(¬2) ما عدا قول الصوفية، مقتبس من الاستذكار: 27/ 378 - 379.
(¬3) البقرة: 197.
(¬4) الطّلاق: 2.
(¬5) فاطر: 28.
(¬6) انظر تعريف التقوى عند أهل التربية والسلوك في كتاب الإبانة عن طرق القاصدين والكشف عن مناهج السالكين لابن فُورَك: اللوحة 17/ ب، والرسالة القشيرية: 104 - 109 (طـ. دار الجيل).
(¬7) يقول اليفرني في الاقتضاب في غريب الموطأ: 113/ ب [2/ 529] "بَخٍ بَخٍ: كلمة تقال عند استعظام الشيء والتّعجُّب منه، وفيها لغتان: بَخْ بَخْ، بتسكين الخاء فيهما جميعًا، وبَخٍ بَخْ بكسر الخاء الأولى وتنوينها، وتسكين الثانية للوَقْفِ، فإذا وصَلْت الثانيةَ بكلامٍ كسرتَها ونَوَّنتَها فقلتَ: بخٍ بَخٍ يا هذا، وتنوينُها عد النحويين علامةٌ لتنكيرها، وتسكينها علامةٌ لتعريفها".
(¬8) في الموطّأ (2839) رواية يحيى، عن مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزّبير. ورواه عن مالك: أبو مصعب (2094)، وسويد (777) عن عامر بن عبد الله، عن عبد الله بن الزبير.
الصفحة 590
632