كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

والملائكةُ من خِيفَتِهِ، ثمّ يقول: إنّ هذا لوَعِيدٌ لأهل الأرض شديدٌ.
المعاني (¬1):
قال علماؤنا من أهل التفسير (¬2): إن الرَّعْد مَلَكٌ يزجُرُ السَّحابَ، وقد يجوزُ أن يكون زجرُه لها تسبيحًا، لقوله تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} (¬3) والرّعدُ لا يعلمُه النّاسُ إلّا بذلك الصّوت، وجائزٌ أن يكون ذلك تسبيحَه، لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (¬4).
وأهلُ التَّأويل يقولون في قوله: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} (¬5) أي سَبِّحِي معه (¬6).
ورُوِيَ عن عليّ (¬7)، وابن عبّاس (¬8)، وجماعة من الصّحابة؛ أنّهم قالوا: الرّعدُ ملَكٌ، والبرقُ مَخَارِيقُ من حديدٍ، أو من نارٍ يزجرُ بها السّحابَ.
وكان النّبي صلى الله عليه إذا سمع الرَّعْد قال: "اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بغَضَبِكَ، ولا تُهْلِكْنَا بِعِقَابِكَ، وعَافِنَا قبل ذلك" (¬9).
¬__________
(¬1) كلامه في المعاني مقتبس من الاستذكار: 27/ 380 - 383.
(¬2) في الاستذكار: "جمهور أهل العلم من أهل الفقه والحديث يقولون".
(¬3) الرَّعد: 13.
(¬4) الإسراء: 44.
(¬5) سبأ: 10.
(¬6) قاله ابن عباس، أخرجه الطبري في تفسيره: 22/ 65، كما روي عن جماعة من السّلف.
(¬7) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره: 1/ 55، وأبو الشيخ في العظمة (767).
(¬8) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (768)، ورواه مرفوعاً أحمد (2483 طـ. الرسالة)، والترمذي (3117) والنسائي في الكبرى (9072).
(¬9) أخرجه ابن أبي شيبة (29217)، وأحمد: (5763 طـ. الرسالة)، والبخاري في الأدب المفرد (721)، والترمذي (3450)، والنسائي في الكبرى (10764)، وأبو يعلى (5507)، والطبراني في الكبير (13230)، والدعاء (981)، وأبو الشيخ في العظمة (781)، والحاكم: 4/ 286.

الصفحة 591