كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

ما جاء فى صفةِ جهنَّمَ
الترجمة:
أمّا قولُه: "جهنَّم" فهو مأخوذٌ من الجهامة، لقوله: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} (¬1).
الأسناد (¬2):
فيه حديث أبي هريرة (¬3) -وهو صحيحٌ (¬4) -؛ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نارُ بَنِي آدَمَ التي يُوقِدونَ جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنَّمَ".
وفي بعض طُرُقهِ: "وهذه النار قد ضُرِبَ بها البحرُ حين أنزلت سبع مرَّات، ولولا ذلك ما انتفع بها" (¬5).
وذكر ابنُ أبي شيبة في "مصنّفه" (¬6): "لولا أنها أُطفِئَت بالماءِ مرَّتينِ ما انتَفَعتُم بها، وإنّها لتَدعُو اللهَ إلاَّ يعذّب بها بتلك النار أحداً (¬7) " (¬8).
وعن سعيد بن المسيَّب؟ أنّ عليَّ بن أبي طالب سألَ رَجُلًا من اليهود عن النّار الكُبرى، فقال الحَبرُ: يبعثُ اللهُ الرّيحَ الدَّبُورَ على البحر فيعُودُ نارًا، فهي النَّارُ الكبرى (¬9).
وأمّا ما وضعه أهل الوَعظِ في كتبهم في صفة جهنَّم وأدراكها وما فيها، فإنّه لم يخلق بعدُ من يصف ما فيها من عذاب الله؛ لأنّ عذاب الله شديدٌ (¬10)، وقد أوردنا معانيها
¬__________
(¬1) الفرقان: 12.
(¬2) ما عدا الفقرة الأخيرة مقتبسٌ من الاستذكار: 27/ 391 - 392.
(¬3) في الموطأ (2842) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2098)، وسويد (784).
(¬4) أخرجه البخاري (3265) من طريق مالك، عن أبي الزناد، كما أخرجه مسلم (2843) من طريق المغيرة عن أبي الزناد.
(¬5) أخرجه ابن عبد البر فى التمهيد:18/ 136 عن ابن عباس، وذكره ابن حجر فى الفتح:6/ 338
وعزاه إلى كتاب الجامع لابن عُيَيْنَة.
(¬6) لم نعثر عليه في المطبوع من المصنف.
(¬7) في الاستذكار والتهميد: "لتدعو الله إلاَّ يعيدها في تلك [في الاستذكار: بتلك] النَّار أبدًا".
(¬8) أخرجه هناد في الزهد 1: 167، وابن أبي الدنيا في صفة النار: 102.
(¬9) أورده ابن عبد البرّ في التمهد: 18/ 164 من طريق زيد بن الحباب.
(¬10) انظر العارضة: 10/ 57.

الصفحة 594