كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وأخبارها في "أنوار الفجر".

الترغيب في الصَّدَقَة
أدخل مالك في هذا الباب حديث سعيد بن يسار (¬1) المُرسَل (¬2)؟ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ من كَسبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقبَلُ الله إِلَّا طَيبًا، كان كَمَن يَضَعُهَا في كَفِّ الرَّحمنِ، يُربِّيهَا له كما يُرَبِّيَ أَحَدُكُم فُلُوَّهُ أو فَصِيلَهُ، حتى تكونَ مثلَ الجَبَلِ".
وفي بعض طُرُقِهِ: "حتّى اللّقمة أو التمرة لتَأتي يوم القيامة مثل الجبل العظيم" (¬3).
الأصول:
قال الإمام: ومصداق ذلك في كتاب الله قوله: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} (¬4)، وقوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} (¬5) وهذا من المعنى البديع أن يُفَسِّرَ الحديثُ بالقرآنِ، فعبر عن البائن في هذا المعنى عن مضاعفة الثواب على العمل. وكما (¬6) يفعل في الصّدقة، كذلك يفعل في قيراط صلاة الجنازة، حتّى يجعل أصغره كأكبر جبلٍ وهو أحُد، وذلك من فضل الله على حسب ما يعلم من الصِّدق في النِّيَات، وخُلُوصِ الطَّويّات، والرّغبة في الخيرات، والمواظبة على الصّالحات.
¬__________
(¬1) في الموطأ (2844) رواية يحيي، قال عنه ابن عبد البرّ في التمهيد: 23/ 173 "وهو حديث صحيح مجتمع على صحّته".
(¬2) يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: 27/ 393 "هكذا رَوَى يحيي هذا الحديث مُرسَلًا، وتابعه أكثر الرُّواة للموطأ على إرساله" قلنا: وممن تابعه على الإرسال: أبو مصعب (2100) [لكن وقع موصولا في النّسخة المطبوعة وهو خطأ]، وسُوَيد (785).
وقد رواه موصولًا: ابن بُكَير كما في مُسنَد الموطّأ للجوهري (803)، والتمهيد: 23/ 172 - 173، ورواه أيضاً معن بن عبسى كما في التمهيد: 23/ 172.
(¬3) أخرجه بهذا اللفظ ابن عبد البرّ في الاستذكار: 27/ 394، وأصل الحديث في البخاري (1410) ومسلم (1014).
(¬4) التوبة: 104.
(¬5) البفرة 276.
(¬6) من هنا إلى آخر الفقرة تقريبًا ورد في العارضة: 3/ 167.

الصفحة 595