كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
فالأعمالُ للأعمال كالبنيان يشُدْ بعضه بعضًا. وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ....} الآية (¬1). فنبّه - صلى الله عليه وسلم - على الذي تقدّم من قوله: "يَأخُذُهَا بِيمينِهِ" (¬2) وتقع في كفّه، أن ذلك كله عبارة عن قبُولِه للعبد، وتضعيف الثّواب له فيه، إذ البارئ سبحانه يتعالى عن الجارحة، ويُقَدَّس عن ذلك.
وقوله في بعض طرقه (¬3): "في كّفِّ الرَّحمنِ" وكفُّه بمعنى يمينُه (¬4).
وقوله (¬5): "فَيُرَبِّيَها لَهَ" (¬6) يريد أن الله يُنمِّي الصَّدقة بتضعيف أجزائها، كما يُنَمِّي الإنسانُ الفُلُوِّ، وهو ولد أُنْثى الخيل من ذكَرِ الحمير (¬7).
حديث:
قوله (¬8): "أَعطُوا السَّائِلَ وإن جاءَ على فَرسٍ" هو حديثٌ صحيح من مراسل زيد بن أسلم، ولا خلاف في إرساله (¬9).
وأدخل في الباب حديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا نساءَ المؤمناتِ، لا تَحقِرَنَّ إحداكُنَّ لجارَتِهَا ولو كُراعَ شاة مُحرَق" (¬10).
قال الإِمام: والحديث صحيح لا غُبَارَ عليه.
¬__________
(¬1) الشورى: 23.
(¬2) جزء من حديث أخرجه ابن أبي شيبة: 3/ 112، وأحمد: 2/ 268، 471، والترمذي (662)، وفي العلل الكبير (184).
(¬3) في الموطأ (2844) رواية يحيي.
(¬4) هذا شرح مستفاد من المننقى: 7/ 319، وانظر العارضة: 3/ 165.
(¬5) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: 7/ 319.
(¬6) بزيادة "له" في موطّأ ابن بُكَير، كما في مُسْنَد الموطأ (803)، والتمهيد: 23/ 173.
(¬7) انظر الاقتضاب: 113/ ب.
(¬8) في الموطأ (2846) رواية يحيى، ورراه عن مالك: أبو مصعب (2102)، وسويد بن سعيد (787).
(¬9) بقول ابن عبد البرّ في التمهيد: 5/ 294 "لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافًا بين رواة مالك، وليس في هذا اللّفظ مُسنَدٌ يُحتَجُّ به فيما علمتُ".
(¬10) هو في الموطّأ (2847) رواية يحيى، وقد تقدم.
الصفحة 596
632