كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وقوله (¬1): "يا نساءَ المؤمنات" وأهلُ بلدنا يقرؤونه على الرَّفع على أنّه نداء مفردٌ مرفوعٌ، والمؤمناتُ نعتٌ؛ لأنّهم رأوا أنّ النِّساء أعمّ من المؤمنات، وقد قال الله تعالى: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (¬2) والبهيمة أعمّ من الأنعام.
وقوله: "ولو بِكُرَاعٍ مُحْرَقٍ" والكُراعُ من الإنسان والدّوابّ ومن المواشي: ما دُونَ الكَعْبِ (¬3).
وقوله: "الصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ غَضبَ الرَّبِّ" (¬4) مسألة من الأصول (¬5)، قد بيّنّا أن غضب الرَّبِّ على قسمين: إمّا أن يرجع إلى الإرادة للعقابِ، فذلك صفةٌ من صفاته وإمّا أن يرجع إلى الفعل (¬6)، على ما بينّاه في "كتب الأصول".
حديث ابن عمر (¬7)؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المِنبَرِ، وهو يَذْكُرُ الصّدقةَ والتًعَفُّف عن المسألةِ: "اليدُ العُليا خَيرٌ من اليد السُّفلَى، واليدُ العُليا هي المُنْفِقَةُ، والسُّفلَى هي السّائلةُ".
¬__________
(¬1) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: 7/ 321.
(¬2) الحجّ: 34.
(¬3) هو قول صاحب العين 1/ 199.
(¬4) أخرجه الترمذي (664)، وابن حبان (3309)، والبيهقي في الشعب (3351)، والقضاعي في مسند شهاب (1094)، وشرح السنة (1634) كلهم من حديث أنس.
(¬5) يقول الإِمام الترمذي في جامعه: 2/ 42 - 43 "وقد قال غيرُ واحدٍ من أهل العلم في هذا الحديث وما يُشبِهُ هذا من الرِّوايات من الصفات ونزول الرَّبِّ تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدُّنيا، قالوا: قد ثبتت الرِّوايات في هذا، وُيؤمَنُ بها ولا يُتَوَهَّمُ، ولا يقالُ: كيف؟ وهكذا رُوِيَ عن مالك، وسفيان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمرُّوها بلا كَيفٍ، وهكذا قولُ أهل العلم من أهل السُّنَّة والجماعة".
(¬6) "أي إلى العقاب فيسمّى به؟ لأنّه عنه صَدَرَ، فذلك هو الذي تطفئه الصّدقة كما يطفئ الماءُ النَّار". قاله في العارضة: 3/ 168 قلنا: الصواب هو إثبات ما أثبته الله لنفسه على وجه الكمال، مع تنزيهه تعالى عن مشابهة المخلوقات.
(¬7) في الموطأ (2851) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مُصعب (2108)، وسُوَيْد (807)، والقعنبي كما في مسند الموطأ (711)، وقتيبة بن سعيد عند ملم (1033).

الصفحة 598