كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

كَفِّ السّائل، فيقضي بها حاجته ويسدّ فَاقَتَهُ.
وقوله: "وَابْدَأْ بِمَن تَعُولُ" (¬1) معناه: لا تتصدّق حتى يكون عندك ما يُغنيك ويغني عيالك، ولا تتعمّد إلى ما عندك فتعطيه، فنبقى أنت وهم عالة تتكفَّفون النّاس.
وفي "صحيح مسلم" (¬2): "خيرُ الصّدقةِ ما كان عن ظَهرِ غِنىً، وابدَأ بمن تعُولُ".
روى أبو داود (¬3) والنَّسائي (¬4) أن رجلًا تصدق بدينارٍ (¬5)، وحضَّ النَّبيّ صلى الله عليه على الصّدقة فتصدّقَ بثوبه، فقال له النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذ ثَوبَكَ، وَانْتَهَرَهُ" (¬6).
وفي الباب أحاديث ومعاني بينّاها مستوفية في "كتاب النَّيِّرَيْن" و "أنوار الفجر".

ما جاء في طلب العلم
مالك (¬7)؛ أنه بلغَهُ أن لقمان الحكيم أَوصَى ابنهُ فقال: يا بُنَىَّ جالس العلماءَ وزَاحِمهُم بِالرُّكَبِ؛ فإنَّ الله يُحيِي القلوبَ بنُورِ الحكمة، كما يُحيي الأرضَ بوابِلِ السّماءِ.
الإسناد:
قال الإمام أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه -: قد أَكثَرَ النّاسُ في هذا الباب
¬__________
(¬1) جزء من حديث أخرجه الترمذيّ (680) عن أبي هريرة، والترمذي هو المقصود عند المؤلَّف، وإلَّا فإن الحديث متفق عليه، أخرجه البخاريّ (5355)، ومسلم (1042).
(¬2) الحديث (1034) عن حكيم بن حزام.
(¬3) الحديث (1672).
(¬4) في السنن: 5/ 63.
(¬5) ولفظ النّسائي، عن أبي هريرة؛ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصَدَّقُوا، فقال رجل: يا رسول الله عندي دينارٌ، قال: تصدّق به على نفسك. قال: عندي آخر، قال: تصدّق به على زوجتك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدّق به على خادمِك، قال: عندي آخر، قال: أنت أَبصَرُ".
(¬6) أخرجه أحمد: 3/ 25، والنسائي: 5/ 63، وفي الكبرى (2316)، وابن حبان (2505)، وأبو يعلى (994)، والبيهقي (7567) كلهم من حديث أبي سعيد الخدري.
(¬7) في الموطأ (2859) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2117)، وعويد (815).

الصفحة 600