كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)
وقال علماؤنا (¬1)؟ "يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي" أي قدّامي وأمامي، كأنّهم يجتمعون إليه وينضمّون حوله، ويكونون أمامه ووراءه يوم القيامة.
وقد قيل (¬2): "عَلَي قَدَمِي" على سابقتي، مأخوذ من قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬3) والقَدَمُ السّابقة بإخلاص الصِّدق والطّاعة.
الخامسة (¬4):
قوله: "وأنا العَاقِبُ" فقد جاء عنه عليه السّلام في هذا الحديث أنه قال: "وأنا العاقبُ الّذى ليس بعدي نبىٌّ" (¬5).
وقال أبو عُبيد (¬6): "سألتُ سفيان بن عُيَينَة عن العاقب فقال لي: آخر الأنبياء". قال أبو عُبَيد: "وكذلك كلّ شيء خلفّ بعد شيءٍ فهو عاقب".
قال الإِمام: وهذا المعنى يشهد له كتاب الله في قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬7).
وذكر ابنُ وهب عن مالك؛ قال: ختم الله به الأنبياءَ، وختم بمسجده هذا المساجدَ (¬8).
قال الإِمام: يعني مالك بذلك مساجد الأنبياء.
قال عباس بن مرداس السُّلَمِيَّ (¬9):
¬__________
(¬1) المقصود هو الإِمام ابن عبد البر في الاستذكار: 27/ 443.
(¬2) انظر هذا القول في العارضة: 10/ 281 - 282.
(¬3) يونس: 2.
(¬4) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 27/ 444. وانظر تذكرة المحبيّن: 145 - 160.
(¬5) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (2840) وقال: هذا حسن صحيح، والحديث رواه: عبد الرّزاق (19657)، والحميدي (555)، وأحمد: 4/ 80، ومسلم (2354)، وغيرهم.
(¬6) في غريب الحديث: 1/ 243، والنصُّ نفسه قاله ابن حبيب في تفسير غريب الموطّأ: الورقة 169.
(¬7) الأحزاب: 40.
(¬8) أسنده ابن عبد البرّ في التمهيد: 9/ 155.
(¬9) في ديوانه: 95. وانظر ترجمة الشاعر في الشعر والشعراء: 1/ 300، 2/ 746.
الصفحة 607
632