كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

تنبيه على إسناده:
قال الإمام: أمّا ورود الأحاديث في هذا الباب، فَرَوَى عَمرو بن العاص، عن النّبي عليه السّلام؛ أنّه قال: "دِيَةُ الْكافِرِ مِثل نصف دِيَة المُؤْمِن" (¬1)، ولم يَرِد من طريقٍ صحيحٍ، غير أنّه قد ورد مثل هذا الطّريق وأضعف منه: "دِيَةُ الكافِرِ مثل دِيَة المُسْلِم" (¬2).
والحديثُ الأوّل هو متعلَّق مالك، والحديث الثّاني هو متعلَّق أبي حنيفة (¬3)، فَمَطْلَعُ النَّظَرِ نَقيُ المساواةِ في القِصاص حَسَبَ ما تقدّم.
وأمّا متعلَّق للشّافعي في تقدير الثُّلُث، فضعيفٌ ليس فيه أثرٌ، وإنّما أخَذَهُ من جهة المعنى بقوله: "والثُّلُثُ كَثِيرًا" (¬4) وهو متعلَّقٌ ضعيفٌ.
المسألة الثّانية (¬5):
قال علماؤنا (¬6) في هذا الباب قوله (¬7): "مثلُ نصفِ دِيَةِ المسلمِ" المثلُ هاهنا العين والجِنْسُ، وقد قال مالك في "الموّازية": ما أعرفُ في نصفِ الدِّيَةِ فيهم إِلَّا قضاء عمر بن عبد العزيز فإنّه كان إمامَ هُدى وأنا أتّبعه.
ومن جهة المعنى: أنّ نقصَ الكفرِ أعظم من نقص الأُنُوثةِ، بدليل أنّ الأُنوثة لا تمنع القِصَاص، والكفر يمنعه، فإذا كانت الأُنوثة تُؤَثِّر في نقص الدِّبَة، فإنّ تأثير الكفر أَوْلَى.
¬__________
(¬1) أخرجه بهذا اللّفظ ابن أبي شيبة (27451)، وابن خزيمة (2280)، وابن الجارود (1052)، والبيهقي: 8/ 29 كلهم من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
(¬2) لم نعثر عليه بهذا اللّفظ والمحفوظ هو ما رواه عبد الرزّاق (18494) من حديث علىٌ قال: "دية اليهودي والنصراني وكل ذميّ مثل دية المسلم" قال أبو حنيفة: وهو قولي.
(¬3) انظر مختصر اختلاف العلماء:
(¬4) سبق تخريجه.
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 7/ 97.
(¬6) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬7) أي قول عمر بن عبد العزيز في الموطَّأ بلاغًا (2522) رواية يحيى.

الصفحة 62