معنى يجب به القتل فلا يحكم به إِلَّا بعد ثبوته، كسائر ما يجب به القتل.
المسألة الرّابعة (¬1):
إذا قلنا: إنَّ السَّاحرَ يُقْتَلُ كفرًا، فإنّه لا يرثه ورثته من المسلمين، وإنّما حكمه حكم المُرْتَدّ.
وقال أَصْبَغُ: إنَّ كان لِسْحِرهِ مُظهِرًا، فقُتِل حين لم يَتُبْ، فمالُهُ في بيت مال المسلمين ولا يصلِّى عليه.
قال: فإن اسْتَتَرَ به، فمالُه بعدَ قَتلِهِ لوَرَثَتِهِ من المسلمين، ولا آمُرُهُم بالصَّلاة عليه، فإن فَعَلُوا فهم أعلمُ.
المسألة الخامسة (¬2):
وإن كان السّاحر ذِمِّيًّا، فقد قال مالك: لا يقتل إِلَّا أنّ يُدْخِل بسِحْرِه ضَرَرًا على المسلمين، فَيُقْتَل نقضًا للعهد، ولا تُقبَل منه توبة غير الإسلام، وأمّا إن سَحَرَ أهلَ ملَّتِهِ فليُؤَدَّب، إِلَّا أنّ يَقتُل أحدًا فيُقتَل به (¬3).
وقال سحنون في "العُتْبِيّة" (¬4): يُقتَلُ إِلَّا أنّ يُسلِم فيُترَك.
فظاهر قوله أنّه يُقتَل على كلِّ حالٍ إِلَّا أنّ يُسلِم، يخالف قول مالك: لا يُقْتَل إِلَّا أنّ يُؤذِي مسلمًا أو يقتل ذِمِّيًّا.
ووجه قول مالك: ما احتَجَّ به ابن شهاب من أنَّ لَبِيد بن الأَعْصَم اليهوديّ سَحَر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فلم يقتله، ولأنَّ اليهوديّ كافرٌ، فإن كان السّحر دليلًا على الكفرِ، فإنَّما يدلُّ من كُفْرِ اليهوديِّ على ما هو معلومٌ.
ووجه قول سحنون: أنّه ناقضٌ للعهدِ ومنتقلٌ إلى كفر لا يُقَرُّ عليه. وقد قال أشهب
¬__________
(¬1) انظر الفقرة الأولى في العارضة: 6/ 247، والباقي مقتبس من المنتقي: 7/ 117.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 7/ 117 - 118.
(¬3) حكاه عن مالك ابن رشد في البيان والتحصيل: 16/ 444.
(¬4) 16/ 443 في سماع أصبغ بن الفرج من ابن القاسم من كتاب الحدود [ولم نجده في العتبية من قول سحنون].