كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 7)

وقد خالف الحديثَ والجمهورَ في ذلك أبو حنيفةَ (¬1) فقال: لا يجوزُ القَوَدُ إِلَّا بالسَّيف خاصّة.
ودليلنا قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (¬2) وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (¬3).
ومن جهة السنّة: الحديث المتقدِّم (¬4)، "أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأسَ جَارِيَةِ" فلا كلامَ على هذا بوجهٍ.
المسألة الخامسة (¬5):
إذا ثبت ذلك، فإنّ لأصحابنا في فروع هذه المسألة اختلافًا، والأصل ما قدّمنا، فقد رَوَى محمّد عن ابن المّاجشُون: أنّه من قَتَلَ بالنّار لم يُقتل بها، والمشهور عن مالك وأصحابه أنّه يُقْتَل بها.
ووجه ذلك: ما تقدّم من الحديث والآي.
ومتعلّق ابن الماجِشُون: ما رُوِيَ عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَا يُعَذَّبُ بالنار إِلَّا رَبُّ النَّارِ" (¬6).
ومن جهة القياس: أنّه تفويت رُوحٍ مُباحٍ، فلم يجز تفويته بالنَّارِ كالذَّكَاةِ.
فرع (¬7):
فإن غَرَّقَهُ في الماء غُرِّقَ به، رواه عبد الملك بن الماجشون عن ابن القاسم في
¬__________
(¬1) انظر مختصر اختلاف العلماء: 5/ 147، ومختصر الطحاوي: 232.
(¬2) البقرة: 194.
(¬3) النحل: 126.
(¬4) انظر الصفحة السابقة.
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 7/ 119.
(¬6) أخرجه عبد الرزّاق (5418)، وأبو داود (2676 م)، ومن طريقه البيهقي 9/ 72 عن محمّد بن حمزة الأسلمي عن أبيه.
(¬7) هذا الفرع مقتبس من المنتقي: 7/ 119.

الصفحة 88