كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
يَمْلَئُوا لِي (¬1) هَذَا الْبَيْتَ ذَهَبًا عَلَى أَنْ أَكْذِبَ عَلَى عَلِيٍّ [لَأَعْطَوْنِي، وَوَاللَّهِ مَا] أَكْذِبُ عَلَيْهِ أَبَدًا) ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْكَلَامُ مَبْسُوطًا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، لَكِنَّ (¬2) الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَبْسُوطَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ.
كَمَا [رَوَى أَبُو حَفْصِ بْنُ] شَاهِينَ فِي كِتَابِ اللَّطِيفِ فِي السُّنَّةِ (¬3) : حَدَّثَنَا (¬4) مُحَمَّدُ بْنُ [أَبِي] الْقَاسِمِ (¬5) بْنِ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ [بْنُ نُصَيْرٍ الطُّوسِيُّ الْوَاسِطِيُّ] ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي (¬6) الشَّعْبِيُّ: (أُحَذِّرُكُمْ هَذِهِ الْأَهْوَاءَ (¬7) [الْمُضِلَّةَ، وَشَرُّهَا الرَّافِضَةُ] لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ رَغْبَةً، وَلَا رَهْبَةً، وَلَكِنْ مَقْتًا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَبَغْيًا عَلَيْهِمْ قَدْ حَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالنَّارِ (¬8) ، وَنَفَاهُمْ إِلَى الْبُلْدَانِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ: يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ صَنْعَاءَ نَفَاهُ إِلَى سَابَاطَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ نَفَاهُ إِلَى خَازِرَ (¬9) .
¬_________
(¬1) لِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(¬2) أ، ل، ب: الْكَلَامُ عَنْهُ مَبْسُوطًا لَكِنَّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬3) أ، ل، ب: اللُّطْفِ فِي السُّنَّةِ؛ م: اللَّطِيفُ فِي السُّنِّيَّةِ. وَابْنُ شَاهِينَ هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 385. تَرْجَمَتُهُ فِي: تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ لِلذَّهَبِيِّ 3/183 - 184؛ سَزْكِينَ م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص 425 - 427.
(¬4) ن، م: وَقَدْ رَوَى.
(¬5) ن، م: مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ.
(¬6) لِي: زِيَادَةٌ فِي (ن) .
(¬7) ب (فَقَطْ) : أُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ.
(¬8) بِالنَّارِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
(¬9) أ، ل خَارِزَ، ن: حَادِرَ؛ م. . حَادِنَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى النُّوبَخْتِيُّ (وَهُوَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ) فِي كِتَابِهِ " فِرَقِ الشِّيعَةِ " (ط. إِسْتَانْبُولَ 1931) ، ص 19 - 20 مَا يَلِي: فَلَمَّا قُتِلَ. عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - افْتَرَقَتِ الَّتِي ثَبَتَتْ عَلَى إِمَامَتِهِ وَأَنَّهَا فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَصَارُوا فِرَقًا ثَلَاثًا: فِرْقَةٌ مِنْهُمْ قَالَتْ: إِنَّ عَلِيًّا لَمْ يُقْتَلْ وَلَمْ يَمُتْ وَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَسُوقَ الْعَرَبَ بِعَصَاهُ وَيَمْلَأَ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا، وَهِيَ أَوَّلُ فِرْقَةٍ قَالَتْ فِي الْإِسْلَامِ بِالْوَقْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَوَّلُ مَنْ قَالَ مِنْهَا بِالْغُلُوِّ وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ تُسَمَّى " السَّبَئِيَّةَ " أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ، وَكَانَ مِمَّنْ أَظْهَرَ الطَّعْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالصَّحَابَةِ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَقَالَ إِنَّ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَأَخَذَهُ عَلِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ هَذَا فَأَقَرَّ بِهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ. وَحَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَبَأٍ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ وَوَالَى عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَكَانَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ فِي يُوشَعِ بْنِ نُونٍ بَعْدَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فَقَالَ فِي إِسْلَامِهِ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - فِي عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ شَهَرَ الْقَوْلَ بِفَرْضِ إِمَامَةِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَعْدَائِهِ وَكَاشَفَ مُخَالِفِيهِ فَمِنْ هُنَاكَ قَالَ مَنْ خَالَفَ الشِّيعَةَ: إِنَّ أَصْلَ الرَّفْضِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ ".
وَانْظُرْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَالسَّبَئِيَّةِ مَا ذُكِرَ فِي مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/85 - 86؛ الْإِسْفَرَايِينِيَّ: التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص 71 - 72؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 143 - 145، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/155 - 156؛ كِتَابَ " الشِّيعَةِ وَالتَّشَيُّعِ " لِلْأُسْتَاذِ إِحْسَان إِلَهِي ظَهِير، ص 67 - 77، ط. هُورَ، بَاكِسْتَانَ، 1404 1984.
وَيَذْكُرُ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ ص 18) أَنَّ السَّبَئِيَّةَ أَظْهَرُوا بِدْعَتَهُمْ فِي زَمَانِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ الْإِلَهُ، فَأَحْرَقَ عَلِيٌّ قَوْمًا مِنْهُمْ وَنَفَى ابْنَ سَبَأٍ إِلَى سَابَاطِ الْمَدَائِنِ (وَيُسَمِّيهَا يَاقُوتُ فِي " مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ " بِسَابَاطِ كِسْرَى بِالْمَدَائِنِ) . وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَيْلَى. ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ (مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ 2/527) وَابْنُ حَجَرٍ (لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/379) وَلَمْ يَذْكُرَا سَنَةَ وَفَاتِهِ وَقَالَا إِنَّ حَدِيثَهُ عَنْ عَلِيٍّ لَا يَصِحُّ. وَخَازِرُ (بِكَسْرِ الزَّايِ) نَهْرٌ بَيْنَ إِرْبِلَ وَالْمَوْصِلِ (يَاقُوتٌ) .
الصفحة 23
579