كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

إِلَى غَيْرِهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا فِي الْأَزَلِ عَنْ كَمَالٍ يُمْكِنُ وُجُودُهُ فِي الْأَزَلِ كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ. وَإِذَا كَانَ هُوَ الْقَادِرُ الْفَاعِلُ لِكُلِّ شَيْءٍ، لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، بَلِ الْعِلَلُ الْمُفْعُولَةُ هِيَ مَقْدُورَةٌ وَمُرَادَةٌ لَهُ. وَاللَّهُ تَعَالَى يُلْهِمُ عِبَادَهُ الدُّعَاءَ وَيُجِيبُهُمْ، وَيُلْهِمُهُمُ التَّوْبَةَ وَيَفْرَحُ بِتَوْبَتِهِمْ إِذَا تَابُوا، وَيُلْهِمُهُمُ الْعَمَلَ وَيُثِيبُهُمْ إِذَا عَمِلُوا، وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَخْلُوقَ أَثَّرَ فِي الْخَالِقِ (¬1) أَوْ (¬2) جَعَلَهُ فَاعِلًا لِلْإِجَابَةِ (¬3) وَالْإِثَابَةِ وَالْفَرَحِ [بِتَوْبَتِهِمْ] (¬4) ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْخَالِقُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ. وَالْحَوَادِثُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا إِلَّا مُتَعَاقِبَةً، لَا يَكُونُ عَدَمُهَا فِي الْأَزَلِ نَقْصًا.
قَالُوا (¬5) : وَأَمَّا قَوْلُهُمْ هَذَا يَسْتَلْزِمُ قِيَامَ الْحَوَادِثِ بِهِ (¬6) .
فَيُقَالُ: أَوَّلًا: هَذَا قَوْلُ مَنْ هُمْ مِنْ أَكْبَرِ شُيُوخِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ (¬7) - كَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا - وَهُوَ لَازِمٌ لِسَائِرِهِمْ، وَالشِّيعَةُ الْمُتَأَخِّرُونَ أَتْبَاعُ الْمُعْتَزِلَةِ الْبَصْرِيِّينَ (¬8) فِي هَذَا الْبَابِ، هُمْ وَالْمُعْتَزِلَةُ الْبَصْرِيُّونَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ صَارَ مُدْرَكًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، (* لِأَنَّ
¬_________
(¬1) ا، ب: إِنَّ لِلْمَخْلُوقِ أَثَرًا فِي الْخَالِقِ.
(¬2) أَوْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.
(¬3) ن (فَقَطْ) : فِي الْإِجَابَةِ.
(¬4) بِتَوْبَتِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(¬5) قَالُوا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(¬6) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(¬7) ا، ب: هَذَا قَوْلُ مَنْ هُمْ أَكْبَرُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالشِّيعَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬8) الْبَصْرِيِّينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .

الصفحة 421