كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
وَمَنْ قَالَ هَذَا فَإِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّمَا يُمْتَنَعُ (¬1) اجْتِمَاعُ مَا لَا يَتَنَاهَى إِذَا كَانَ مُجْتَمِعًا فِي الْوُجُودِ، سَوَاءٌ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ (¬2) (3 مُتَّصِلَةً كَالْأَجْسَامِ، أَوْ كَانَتْ 3) (¬3) مُنْفَصِلَةً كَنُفُوسِ الْآدَمِيِّينَ (¬4) ، وَيَقُولُ: كُلُّ مَا اجْتَمَعَ فِي الْوُجُودِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَنَاهِيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمُتَنَاهِي هُوَ الْمُجْتَمَعُ الْمُتَعَلِّقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ تَرْتِيبٌ وَضْعِيٌّ كَالْأَجْسَامِ، أَوْ طَبِيعِيٌّ (¬5) كَالْعِلَلِ وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالنُّفُوسِ، فَلَا يَجِبُ هَذَا فِيهَا، فَهَذَانَ قَوْلَانِ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِامْتِنَاعِ مَا لَا يَتَنَاهَى وَإِنْ عُدِمَ بَعْدَ وَجُودِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِهِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، كَقَوْلِ جَهْمٍ (¬6) وَأَبِي الْهُذَيْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ. قَالُوا: لِأَنَّكَ إِذَا (¬7) قُلْتَ: لَا أُعْطِيكَ دِرْهَمًا إِلَّا أُعْطِيكَ (¬8) بَعْدَهُ دِرْهَمًا، كَانَ هَذَا مُمْكِنًا. وَلَوْ قُلْتَ: لَا أُعْطِيكَ دِرْهَمًا حَتَّى أُعْطِيَكَ قَبْلَهُ دِرْهَمًا، كَانَ هَذَا مُمْتَنَعًا، وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ (¬9) أَبُو الْمَعَالِي فِي " إِرْشَادِهِ " (¬10) وَأَمْثَالُهُ
¬_________
(¬1) ن، م: يُمْنَعُ.
(¬2) ن، م: أَجْزَاءً.
(¬3) (3 - 3) : سَاقِطٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(¬4) ب (فَقَطْ) : كَنُفُوسِ الْآدَمِيِّينَ أَوْ لَا.
(¬5) ن: طَبْعِيٌّ.
(¬6) ن، م:. . وَالْمُسْتَقْبَلِ كَجَهْمٍ. .
(¬7) ا، ب: لَوْ.
(¬8) م: إِلَّا أَعْطَيْتُكَ.
(¬9) ن، م: امْتَنَعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬10) هَذَا الْمِثَالُ يَذْكُرُهُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْإِرْشَادِ إِلَى قَوَاطِعِ الْأَدِلَّةِ فِي أُصُولِ الِاعْتِقَادِ "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ الْقَاهِرَةَ 1369/1950. وَانْظُرْ كَلَامَهُ عَنِ اسْتِحَالَةِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، ص 25 - 27.
الصفحة 435