كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)
فِي غَايَةِ الْجَهْلِ، وَالْهَوَى.
وَيَنْبَغِي [أَيْضًا] (¬1) أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا أَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ يَكُونُ بَاطِلًا، بَلْ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَقْوَالٌ خَالَفَهُمْ فِيهَا بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَوَافَقَهُمْ بَعْضٌ، وَالصَّوَابُ مَعَ مَنْ وَافَقَهُمْ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ مَسْأَلَةٌ انْفَرَدُوا بِهَا أَصَابُوا فِيهَا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعُدُّ مِنْ بِدَعِهِمُ الْجَهْرَ بِالْبَسْمَلَةِ، وَتَرْكَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا فِي الْحَضَرِ، وَالْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ، وَمُتْعَةَ الْحَجِّ، وَمَنْعَ لُزُومِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ (¬2) ، وَتَسْطِيحَ الْقُبُورِ، وَإِسْبَالَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا عُلَمَاءُ السُّنَّةِ، وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ فِيهَا الْقَوْلَ (¬3) الَّذِي يُوَافِقُهُمْ، كَمَا يَكُونُ الصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلَ الَّذِي يُخَالِفُهُمْ لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ، فَلَا تُنْكَرُ إِلَّا إِذَا صَارَتْ شِعَارًا لِأَمْرٍ لَا يُسَوَّغُ، فَتَكُونُ دَلِيلًا عَلَى مَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْسُهَا يُسَوَّغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ، وَمِنْ هَذَا. وَضْعُ الْجَرِيدِ عَلَى الْقَبْرِ، فَإِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ.
وَمِنْ حَمَاقَتِهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِلْمُنْتَظِرِ عِدَّةَ مَشَاهِدَ يَنْتَظِرُونَهُ فِيهَا كَالسَّرَادِبِ (¬4) الَّذِي بِسَامَرَّا الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ غَابَ فِيهِ (¬5) ، وَمَشَاهِدُ أُخَرُ، وَقَدْ
¬_________
(¬1) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬2) ن، م: طَلَاقِ الْبِدْعَةِ.
(¬3) ب: لِلْقَوْلِ.
(¬4) ن، م: السِّرْدَابِ.
(¬5) أ، ب: غَائِبٌ فِيهِ. وَفِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ: " سَامَرَّاءُ، لُغَةٌ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى، مَدِينَةٌ كَانَتْ بَيْنَ بَغْدَادَ وَتَكْرِيتَ عَلَى شَرْقِيِّ دِجْلَةَ وَقَدْ خَرِبَتْ. وَبِسَامَرَّاءَ قَبْرُ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَابْنِهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيَّيْنِ، وَبِهَا غَابَ الْمُنْتَظَرُ فِي زَعْمِ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ ". وَيُنْكِرُ الْعَامِلِيُّ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ " أَعْيَانِ الشِّيعَةِ " 1 وَيَقُولُ: " فَالْإِمَامِيَّةُ تَعْتَقِدُ فِي. الْإِمَامِ الْمَهْدِيِّ أَنَّهُ حَيٌّ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ مَوْجُودٌ فِي الْأَمْصَارِ لَا أَنَّهُ فِي السِّرْدَابِ وَلَا أَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ يُرْجَعُ إِلَى الدُّنْيَا. وَالْمَهْدِيُّ الْمُنْتَظَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ وُلِدَ أَوْ سَيُولَدُ ". عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ تُكَذِّبُهُ كُتُبُ الشِّيعَةِ وَغَيْرِ الشِّيعَةِ فَالشَّهْرَسْتَانِيُّ يَذْكُرُ فِي " الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ "، (1/150) أَنَّ الْإِمَامَ الثَّانِيَ عَشَرَ هُوَ " مُحَمَّدٌ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي بِسُرَّ مَنْ رَأَى ". وَيَنْقُلُ (donaldson) فِي كِتَابِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ آنِفًا (p. 233) عَنِ الْمَجْلِسِيِّ فِي كِتَابِهِ " جَنَّاتِ الْخُلُودِ " أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ اخْتَفَى فِي سِرْدَابٍ فِي مَنْزِلِهِ الَّذِي وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ بِسَامَرَّاءَ. كَمَا يَنْقُلُ (- 245) عَنْ كِتَابِ " نُزْهَةِ الْقُلُوبِ " لِلْمُسْتَوْفَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ اخْتَفَى فِي سَامُرَّاءَ سَنَةَ 246 هـ - 878 م. وَانْظُرْ أَيْضًا، دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ " سَامَرَّاءَ "
الصفحة 44