كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

وَقِيلَ لَكُمْ (¬1) أَيْضًا: الَّذِي يُعْقَلُ مِنَ الْفَاعِلِ أَنْ يَفْعَلَ لِغَايَةٍ تَعُودُ إِلَيْهِ، وَأَمَّا (¬2) فَاعِلٌ يَفْعَلُ لِغَايَةٍ تَعُودُ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلُ الشِّيعَةِ الْمُتَّبِعِينَ لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ يُقَالُ: [قَوْلُ] (¬3) مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يَفْعَلُ لِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ بِلَا عِلَّةٍ (¬4) ، خَيْرٌ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّ هَذَا سَلِمَ (¬5) مِنَ التَّسَلْسُلِ، وَسَلِمَ مِنْ كَوْنِهِ يَفْعَلُ لِحِكْمَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْهُ. وَالْمُعْتَزِلَةُ تُسَلِّمُ لَهُ (¬6) امْتِنَاعَ التَّسَلْسُلِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ هَذَا الْمُنْكِرِ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ أَهْلِ [السُّنَّةِ] وَالْحَدِيثِ، [كَمَا تَقَدَّمَ] ، فَذَاكَ (¬7) سَلِمَ مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَقَدْ كَتَبْتُ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيلِ مُصَنَّفًا (¬8) مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَمَّا سُئِلْتُ عَنْهَا (¬9) وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ أَقْوَالَ أَهْلِ السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنْ أَقْوَالِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ ضَعِيفًا، فَقَوْلُ الشِّيعَةِ أَضْعَفُ مِنْهُ
¬_________
(¬1) ن: الْحَادِثَ قِيلَ لَكُمْ.
(¬2) ن: وَإِنَّمَا.
(¬3) قَوْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬4) وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ وَمُتَّبِعِيهِ.
(¬5) ا، ب: مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَهَذَا سَلِمَ. .
(¬6) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(¬7) ن: مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَذَاكَ. .
(¬8) ن: مَكْتُوبًا.
(¬9) ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي: " أَسْمَاءِ مُؤَلَّفَاتِ ابْنِ تَيْمِيَةَ "، ص [0 - 9] 0، أَنَّ لِابْنِ تَيْمِيَةَ: " جَوَابٌ فِي تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ الْأَفْعَالِ "، نَحْوَ سِتِّينَ وَرَقَةً. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي فِي " الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ مِنْ مَنَاقِبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَحْمَدَ بْنِ تَيْمِيَةَ " ص 49، (ط. الْقَاهِرَةِ 1356/1938) وَسَمَّاهُ: قَاعِدَةً فِي تَعْلِيلِ الْأَفْعَالِ.

الصفحة 446