كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يُطْلِقُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ أَوْجَبَ (¬1) عَلَى نَفْسِهِ، وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ [تَعَالَى] (¬2) {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 54] وَقَوْلِهِ {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الرُّومِ: 47] وَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْإِلَهِيِّ [الصَّحِيحِ] (¬3) " «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا» " (¬4) .
وَأَمَّا أَنَّ الْعِبَادَ يُوجِبُونَ عَلَيْهِ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِ فَمُمْتَنَعٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ [كُلِّهِمْ] (¬5) . وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ (¬6) أَوْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا الْوُجُوبُ (¬7) وَالتَّحْرِيمُ يُعْلَمُ عِنْدَهُمْ بِالسَّمْعِ، وَهَلْ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ.
وَإِذَا كَانَتْ (¬8) هَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مَعْرُوفَةً لِأَهْلِ السُّنَّةِ، بَلْ لِأَهْلِ
¬_________
(¬1) ن: وَاجِبٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(¬2) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(¬3) الصَّحِيحِ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(¬4) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: صَحِيحِ مُسْلِمٍ 4/1994 (كِتَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابِ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) ؛ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1422 (كِتَابِ الزُّهْدِ، بَابِ ذِكْرِ التَّوْبَةِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/67 - 68 (كِتَابِ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابِ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ. .) (وَلَمْ تَرِدْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنَ الْحَدِيثِ فِيهِ) ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/154، 160، 177.
(¬5) كُلِّهِمْ: زِيَادَةٌ فِي (ا) ، (ب) .
(¬6) عَلَى نَفْسِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(¬7) ن: فَهَذَا الْوُجُوبُ عِنْدَنَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(¬8) عِنْدَ عِبَارَةِ " وَإِذَا كَانَتْ " تَعُودُ نُسْخَةُ (م) وَفِيهَا: فَإِذَا كَانَتْ.

الصفحة 452