كتاب منهاج السنة النبوية (اسم الجزء: 1)

وَهَذَا حَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ: فَمَا يُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِينَ شَرٌّ إِلَّا وَفِي أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَلَا يُوجَدُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ خَيْرٌ إِلَّا وَفِي الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْهُ.
وَلِهَذَا يَذْكُرُ سُبْحَانَهُ مُنَاظَرَةَ الْكُفَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ بِالْعَدْلِ، فَإِنْ ذَكَرُوا عَيْبًا فِي الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُبَرِّئْهُمْ مِنْهُ، لَكِنْ يُبَيِّنُ أَنَّ عُيُوبَ الْكُفَّارِ أَعْظَمُ.
كَمَا قَالَ [تَعَالَى] (¬1) : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} ثُمَّ قَالَ: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 217] .
وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ لِأَنَّ سَرِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ ذُكِرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوا ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، فَعَابَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. (¬2) .
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ - قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 59، 60] (¬3) ، أَيْ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْمَمْسُوخِينَ وَعَبَدَةَ
¬_________
(¬1) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(¬2) انْظُرْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ، وَخَبَرَ مَقْتَلِ عَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (طَبْعَةُ الْمَعَارِفِ بِتَحْقِيقِ الْأُسْتَاذِ مَحْمُود شَاكِر) 4/299 - 315.
(¬3) ن، م: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ. . الْآيَةَ.

الصفحة 484